| هل هو حقاً تقاعد اختياري..?! حديث الناس بين مرحب بهذا المشروع وبين مشكك به, فالبعض اعتبره فرصة للكثيرين للحصول على التقاعد المبكر, وخاصة أن مشروع القانون يمنح مدة خمس سنوات خدمة مجانية مع ترفيعاتها وتعويضاتها وغير ذلك من المكاسب الأخرى. البعض يرى أن الحكومة يمكن أن تتخلص من 125 ألف عامل في الدولة في حال أقدم هؤلاء على قبول التقاعد المبكر, وبذلك يمكن أن توفر نحو 28 مليار ليرة سنوياً على خزينة الدولة, لأن المتقاعد لن يحصل على أكثر من 75% من آخر راتب قبل التقاعد هذا في الحد الأعلى, إضافة إلى أنه سيخسر التعويضات والحوافز والعمل الإضافي والمكافآت وغير ذلك من الميزات المكشوفة والمستورة!! البعض يتوقع أنه إذا ما طبقت الحكومة القانون فعلاً بالطريق الاختياري, فإن العدد الذي سيقدم على قبول التقاعد بشكل اختياري لن يكون كبيراً, وخاصة الذين لا يتقنون أعمالاً أخرى وليس لديهم مصادر دخل غير عملهم ويتوقعون تحسين أوضاعهم المعيشية. ولم يأت مشروع القانون بجديد بالنسبة لحرية الاختيار للعامل باللجوء إلى التقاعد المبكر, فهذا وارد في قانون التأمينات الاجتماعية الذي سمح بحرية التقاعد المبكر الاختياري للعاملين في الدولة لمن بلغت خدمته 20 عاماً بالنسبة للذكور و15 عاماً بالنسبة للإناث, بناء على طلبه وموافقة الإدارة. أما الجديد في المشروع فهو منحه خمس سنوات مجانية لتشجيع العاملين في الدولة على التقاعد المبكر, وهذه الميزة يمكن أن يستفيد منها الذين قاربوا على سن التقاعد ويفكرون بالتجديد, فهي توفر عليهم التماس التمديد واسترضاء إداراتهم للموافقة عليه, أما حجة التخلص من العمالة الفائضة وتوفير فرص عمل جديدة للعاطلين عن العمل, فإن مكافحة البطالة لا تعالج بهذه الطريقة فتسريح عامل وإحلال عامل مكانه لا يوفر فرصة عمل حقيقية, لأن الفرص الحقيقية تأتي نتيجة استثمارات جديدة عامة أو خاصة, أما مسألة الفائض في العمالة فهي مسألة نسبية والكثير من الجهات العامة تحتاج إلى عمالة وتطلب زيادة ملاكاتها ونادراً ما يتم إجراء مسابقات لدى هذه الجهات!! الناحية الأخرى التي يجب أخذها بعين الاعتبار, وهي هل بإمكان المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية تحمّل الأعباء المالية ودفع الرواتب للأعداد الكبيرة من المتقاعدين, وهل ستتمكن الجهات النقابية من دفع إعانات المتقاعدين والتي تعجز صناديقها أحياناً عن دفع رواتب المتقاعدين لديها?! ونتمنى على الحكومة التي تتبنى مشروع قانون التقاعد المبكر أن تدرس هذا القانون وسلبياته قبل أن يصبح قانوناً وأن توفر له مستلزمات التنفيذ بشكل كامل.
|
|