| أغبياء ... والكرة الأرضية بين أيدينا! لبنان السؤال طرحه منذ سنوات آرثر شليسنجر الذي لاحظ أن الولايات المتحدة ليست فقط الدولة الأكثر إنتاجاً لثاني أوكسيد الكربون, بل إنها أيضاً الدولة الأكثر إنتاجاً للفضائح. أجرى مقارنة في هذا الشأن, ليلاحظ أن نوعية هذه الفضائح تتجاوز بكثير فضيحة ووترغيت أو مونيكا لوينسكي, بل إن هناك فضائح يمكن أن تفضي إلى انهيار الامبراطورية نفسها, ساخراً من أولئك الذين يتحدثون عن الشفافية, فكل شيء يجري داخل ذلك الظلام الدامس... قال: أحياناً تمشي في الأروقة السياسية, فتخال كما لو أنك تمشي في أروقة جهنم. هذا لأن طرازاً معيناً من الأبالسة هو الذي يتولى إدارة الأحداث. هؤلاء هم عبارة عن كائنات لا مرئية لكنها شديدة التأثير, وشديدة الفاعلية, إن في صناعة الخيارات الاستراتيجية أو في إدارتها. استعاد المؤرخ والكاتب السياسي ما حدث في الهند الصينية. تحدث عن دور أميركي في معركة ديان بيان فو التي تحطم بنتيجتها الوجود الفرنسي القديم في المنطقة, ما فعلت هذا من أجل إحلال الوجود الأميركي هناك, تابع: إن ما فعلته دبلوماسية السراديب التي انتهجها جون فوستر دالاس لإزالة جمال عبد الناصر, ولإبقاء المنطقة - وباستمرار - على حافة الاحتمال... منذ نصف قرن (أو أكثر بكثير) لا تزال المنطقة العربية تتراقص على حافة الاحتمال. انتبهوا. دائماً إنه الاحتمال الأسوأ.. ولكن ياللغرابة حين يقول مارتن انديك نفسه إن الفضيحة المركزية في الاستراتيجية الأميركية الراهنة هي: الغباء...! يؤكد هذا الدبلوماسي المخضرم أن السيناريو كان يلحظ تحويل بغداد إلى منصة إطلاق (تتقاطع بشكل أو بآخر مع المنصة الإسرائيلية) لتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير. الإعداد كان غبياً, التنفيذ غبي, محاولة الخروج من المأزق غبية, الفوضى في تصنيع التهم الغبية. والنتيجة, رغم كل ما يقال حول البدائل, والخيارات, والإمكانات: الكارثة... الأستاذ السابق في هارفارد البروفيسور جون كينغستون يصرخ بصوت عال: الرؤوس الفارغة تحكم أميركا... الأهم أنه يتهم مهندسي السياسات الأميركية بأنهم يوظفون الحساسيات, والغرائز, بل إنهم يوظفون الدم - وبطبيعة الحال - من أجل تسويق استراتيجية معينة. يحدث هذا في الشرق الأوسط, وفي كل مكان آخر, وبالذريعة الأخلاقية دائماً, ليتطابق كلامه مع كلام انديك: الغباء.. (أغبياء.. والكرة الأرضية بين أيدينا). هذا نسق في التفكير, هذه المرة, الرؤوس الفارغة خرجت إلى العلن في الإدارة الحالية. لم يعد من الضروري العمل في الظلام, وإن كانت هذه الإدارة, تحديداً, شهدت أكبر كمية من الفضائح وعلى كل المستويات... ما يعنينا أن كثيرين بيننا, المسكونين بالغرائزية وبانعدام الرؤية (والرؤيا), يتصرفون على أساس أن رجال الإدارة هبطوا للتو من السماء. هبطوا ليقيموا السلام في الأرض... حدثت الفضيحة وأقاموا... الخراب!
|
|