ولا يبدو في الأفق أي بوادر للحل, فمعضلة النقل الجماعي.. عجزت محافظة دمشق ووزارة النقل عن حلها, تارة رامية الذنب على القطاع الخاص لعدم تجاوبه في معالجة المشكلة, وتارة معتبرة فشل المناقصات المتتالية لاستقدام 600 باص المتهم بعرقلة حلول النقل الجماعي.. نعم 600 باص سوف تساهم بحل أزمة النقل الداخلي في المحافظات وليس دمشق وحدها!
ومع استمرار توزيع الاتهامات وتبادل الأدوار, تبقى المدينة ترزح تحت سحابة سوداء, تساهم في تكوينها عوادم السرفيسات المهترئة, ومادة الديزل الموزعة على محطات الوقود, والكل ينتظر المعجزة باستبدال تلك المركبات بحديثة, بل بالوعود الخلبية باعتماد الغاز للمركبات التي كان من المفترض إقامة أول محطة منتصف العام الماضي في عدرا.. ولكن وزارة الإدارة المحلية والبيئة يبدو أنها اعترضت على وزارة النفط, وفي جعبتها حل أكثر صداقة مع البيئة ستفجره مع بداية العام الجديد.
وبقيت معالجة الأزمة المرورية تعتمد الارتجالية والمناسبات, فتارة يكثر الحديث عن ضرورة تنفيذ ميترو وتتداعى الجهات الرسمية لعقد الندوات وورشات العمل واللقاءات والأمسيات, ويصل الأمر إلى توقيع عقود تنفيذ الدراسات, وما أكثر ما وقع من عقود منها مع إيران وأرمينيا وفرنسا ورومانيا, واعتبرت وزارة النقل في نهاية المطاف الحل باعتماد التجربة الماليزية, واختيار قطار المسار الواحد, ولكن حتى هذا الحل اعتبر مؤجلاً لعدم توفر التمويل, وأحيل مع ملف الميترو إلى نظام B.O.T, وما زال هناك من يسوق أنه يمكن إيجاد مستثمر ينفذ حلولاً كهذه ببدل الاستثمار لمدة 20 أو 25 عاماً.. يدفن المليارات في الأرض لينقذ أصحاب الأفكار النظرية بل الطوباوية.
ماذا يحدث على صعيد الواقع المعاش يومياً?
لا حلول مرورية جديدة واقتصرت جبهات العمل على ساحتي الأمويين والعباسيين حيث بدأ العمل منذ 3 سنوات ولا يزال سوء الحظ يلاحق الجهات المنفذة وطال الوضع المتردي ساحة البيطرة وليس بأحسن حال واقع الحلول المرورية على المتحلق الجنوبي من جسر داريا وحتى جسر حرستا والبالغة عشر عقد مرورية أرهقت مشروعاً انطلق منذ ثلاثة عقود.
وبدا التخبط واضحاً في خطوات محافظة دمشق أمام دخول سيارات جديدة كل يوم على المشهد المروري في المدينة, وأخذت تغلق بعض الشوارع, وتوحد الاتجاهات وتعكسها في مواقع أخرى, وتمثلت تلك الحلول في ساحة الحريقة, وشارع الثورة وساحة 29 أيار, وتوحيد الاتجاه مقابل فندق الشام, وبدل أن يمتص هذا الشارع المرور من الساحة ويخفض الضغط الذي يصب فيها, تحول إلى مرآب يعوق الحركة المرورية, وكان آخر الحلول المعتمدة نهاية الأسبوع الماضي تغيير اتجاه المرور في محيط ساحة عرنوس, وتوحيد الاتجاه مقابل رئاسة مجلس الوزراء, وتسبب تنفيذ الحل بأزمة مرورية, كان أكثر المتضررين فيها وسائط نقل رياض الأطفال.
وهنا نقول إن كان ولابد من التجريب وتحويل الشوارع الضيقة بالمدينة إلى حقل تجارب, وبغض النظر عن إزالة المنصفات وثم إعادتها, على مبدأ في الحركة بركة.. فإن المأمول أن تتحف المحافظة الجمهور بحلولها في أيام العطل, ويفضل استغلال العطل المدرسية.. وكلنا بانتظار مفاجأة وزارة الإدارة المحلية والبيئة بإعلان الحل المروري الذي يراعي قواعد حماية البيئة مع بداية العام القادم.. فهل يكون ذلك.. أم يؤجل لأول نيسان?