فهناك من يقوم بتعطيل هذا القانون أو ذاك ويعمل على عدم نفاد مفعوله انطلاقا من الحفاظ على مكاتب وامتيازات وأموال غير مشروعة, ولعل المثال المشخص في هذا الجانب يتمثل في القانون الذي أصدرته الحكومة لمحاصرة تمدد المخالفات السكنية, فقبل نحو أربع سنوات صدر القانون رقم 1 الذي يرمي إلى وقف زحف سرطان السكن العشوائي الذي شكل أكثر من 70 بالمئة من إجمالي أعداد الشقق السكنية المشادة في غالبية المدن والقرى.., وعلى الرغم من انقضاء مدة زمنية طويلة نسبيا على صدور القانون ,ليس هناك ما يشير إلى وقف أنشطة ورش بناء السكن المخالف, بل ازدادت في حضورها وتنامت بعد الارتفاع الصاروخي لأسعار العقارات خلال السنوات الأخيرة.
ولعل هذا التحدي المعلن والمضمر للقانون يشير وبكثير من الوضوح إلى أن أشباه التجار والسماسرة مازلوا يتمتعون بقدر كبير من الدعم والرعاية من جانب رؤساء البلديات والجهات المعنية ولسان حال هؤلاء يقول وبكثير من التفاخر, إن بوابات الفساد ومادام أنها مفتوحة على الآخر, فإن امكانية شراء ذمة بعض المسؤولين ستبقى قائمة, وهي مرهونة بتسديد ( المعلوم) حين الطلب.
ولأن الذين يقومون بمسؤولية إدارة البلديات والدوائر الفنية, باتوا على قدر كبير من الخبرة والدراية في تغطية تجاوزاتهم , فهم يقومون وفي أعقاب تشييد كل مخالفة بناء مهما صغرت أو كبرت مساحتها, بتسطير الضبوط الصورية بحق المخالفين كي لايظهروا في حال المساءلة بمظهر الساخرين من القانون.. والسؤال بهذه الحالة: ما هي الجدوى من تسطير مئات أو عشرات آلاف الضبوط يوميا.. إذا كانت مخالفات البناء تزداد توسعا وانتعاشا?!.. وبلغة أدق.. ما هي الموانع والعقبات التي تحول دون مساءلة تجار البناء ومحاسبتهم مادام أن بعض مواد القانون تسمح بتوقيف المخالفين واحالتهم إلى القضاء المختص?!... ببساطة شديدة..إنها ثقافة الفساد, والاجراءات التي تتخذ ( ورقيا) بحق هذا التاجر أو ذاك ليست أكثر من ( ضحك على الذقون)!.
marwanj@urech.com