وأداة نفطية اقتصادية لها بالعالم، وليس هناك من أحد في الولايات المتحدة لم يتعرّف بعد إلى الخدمات المتعددة التي تؤديها (السعودية) للإدارة الأميركية سياسياً وأمنياً واقتصادياً، كما أنه ليس هناك من أحد في (السعودية) لا يعرف حجم التدخل الأميركي فيها إدارة وسياسة واقتصاداً.
يزعم كثيرون اليوم أن للملك الجديد الذي جرى تنصيبه بسهولة ويسر رؤية خاصة وشمولية لكل ما تحتاجه (السعودية كدولة) من إصلاحات ترجمها سلمان فور توليه السلطة بأكثر من ثلاثين أمراً ملكياً نُفذت فوراً على السمع والطاعة، ويزعم كثيرون من المطبلين له ولسابقه ولمن سبقه بأن هذه الأوامر الملكية ستنقل (الدولة) ومؤسساتها إلى مرحلة أكثر انفتاحاً؛ وتجعلها عصرية بحكم أنها ضخت دماً شاباً فيها من أمراء الجيل الثالث لبني سعود.
ويزعم آخرون - من المروجين لبني سعود - أن ما جاء في قرارات سلمان بن عبد العزيز لا يشكل مفاجأة؛ وينبغي ألّا يشكل مفاجأة لأحد، لأن الرجل رغم إصابته بالزهايمر؛ فقد قهر المرض ونجح في التغلب عليه، وقد أعدّ نفسه إعداداً جيداً للحظة انتقال السلطة له كي يرسي معادلة حكم جديدة تؤسس لمرحلة مهمة من تاريخ السعودية؛ وأنه ما على التاريخ إلا أن يحفظ إنجازات هذه المرحلة باسمه لأنها ستُجنب العائلة الحاكمة أي صراعات أو انشقاقات مستقبلية.
يستبعد الزاعمون والمروجون لبني سعود أي إشارة لاجتماع التخلف والجهل والزهايمر في الرجل، ويصرون على تقديم صورة خارقة له كرجل دولة تمرّس في السياسة والحكم، وكعظيم يدرك الأخطار والتحديات وسبل معالجتها، وكحكيم يمتلك النظرة الثاقبة التي تستكشف وتستبق باتخاذ قرارات وإجراءات لا بد أنها حكيمة لتحمي وتصون وتحفظ!!.
أي مستوىً من السخرية هو ذاك الذي يُمارس على الناس في بلاد نجد والحجاز وفي العالم؟ وأي استخفاف بعقول البشر ذلك الخطاب الذي يصف سلمان بصاحب الرؤية الرشيقة والحكيمة في آن؟ والعالم يعرف أنه ينسى بين لحظة وأخرى؛ إذا كان تناول طعامه أم لا؛ وإذا كان ما زال أميراً للرياض أم ولياً للعهد؟ وإذا كان فهد؛ وليس عبد الله؛ ما زال ملكاً أم لا؟!.
من حلّ وألغى مجالس رسم سياسات (الدولة السعودية) الشكلية، أميركا، ومن أتى بعادل الطريفي وزيراً للثقافة بعد أن أتقن الأدوار التي أُسندت له من قبل في رئاسة تحرير (الشرق الأوسط) وفي إدارة قناة العربية المعروفة بالعبرية، أميركا، ومن حجز مجدداً مكاناً لعائلتي السند والشيخ في معادلة الحكم، أميركا، ومن رتب الشؤون الأمنية وإداراتها، أميركا وإسرائيل وليس غيرهما، ومن رتب لعهد الاستبداد الجديد الذي تُكتب فيه المدائح؛ هو ذاته الذي تولى هذه المهمة لكل عهود الخيانة والاستبداد والتخلف السعوديّة السابقة، وليس هناك من أفق يحرر نجداً والحجاز من بني سعود وأميركا وإسرائيل؛ سوى حركة شعبية تنتفض وتثور استجابة لروح العصر ورفضاً لكل ما سبق.