وعلى التوازي لم تسحب واشنطن من التداول حلقة واحدة من مُسلسل أكاذيبها المُستمر بسورية، ولم تعتذر عن سوء الإنتاج وضعفه رغم اعترافات أشتون كارتر الأخيرة، ما سبقها من اعترافات وما سيليها مما له صلة وثيقة بإنشاء داعش ومُشتقاته وبالمعسكر الداعم للإرهاب.
الحملة الأميركية الإسرائيلية الخليجية ضد حزب الله، والأخرى التي تجمع المُكونات ذاتها ضد إيران، اتفاق نووي - حرس ثوري - برنامج صاروخي، من حيث المبدأ هما امتدادٌ للحملة ضد سورية لا انفصال بينها، تنبثق من المُحددات نفسها، والموقف ذاته، وتسعى لتحقيق مجموعة أهداف واحدة.
للحملات الثلاث ضد محور المقاومة علاقة مباشرة بإسرائيل وكيانها الغاصب، وإسرائيل هي الرابط الحقيقي الذي يشد بزخم كبير الاستراتيجيات المُشتركة لمعسكر العدوان، ويُوحد مجموعة العمل التي تتشكل كتلتها الصلبة من أميركا وبريطانيا وإسرائيل وتلتحق بها السعودية وأخواتها وآخرون في المنطقة والقارة العجوز.
الصخب القادم من أميركا في هذه الأيام، صحيحٌ أن طيفه واسع، خطاباته نارية، ويُراد من خلاله أن يُقال عن الخيارات التي يعتملها أنها مُتعددة، غير أن الحقيقة التي يصطدم بها تكاد تفضح القصة عن آخرها فلا تُظهر العجز فقط، بل تكشف حجم المرارة التي تتجرعها واشنطن وتل أبيب ولا تجدان معها سبيلاً حتى لتخفيف مذاق طعم العلقم العالق في الحلوق.
تحشيد 25 دولة تحت مُسمى مجموعة تنسيق القوى الأمنية الأميركية الأوروبية، والإعلان عن رصد 12 مليون دولار لمن يدل على قيادات المقاومة اللبنانية، هل يُمثل هذا ذروة ما يمكن لواشنطن أن تقوم به لشيطنة المقاومة وقياداتها في حزب الله وتهديدها قبل الشروع بعمل عسكري عدواني يستهدفها؟ لقد فعلت واشنطن ذلك من قبل وفشلت، هل نُذكر بقيادة كونداليزا رايس مجموعة عمل أكبر وأوسع لم تنته إلا للإخفاق؟.
خلال المفاوضات النووية الطويلة والشاقة بين إيران والمجموعة الدولية 5+1 رفضت طهران إدخال أي عنصر جديد على المفاوضات التي أنتجت الاتفاق المُلزم بعد اكتسابه صفة الاتفاق الدولي بصدوره من مجلس الأمن الدولي، فهل تبحث أميركا عن العُزلة كُرمى لإسرائيل، أم أنها ستستخدم البلطجة والتهويل مع 28 دولة في الاتحاد الأوروبي تؤكد التزامها بنصوص الاتفاق؟.
رفضت طهران إقحام كل ما لا علاقة له بالتفاوض إلا على البرنامج النووي السلمي الخاص بها، لا لبنان، ولا سورية، ولا العراق، ولا البرنامج الصاروخي، وقد انتزعت اتفاقاً تقنياً صلباً يحفظ حقها بامتلاك برنامج سلمي يستخدم العلم والمعرفة النووية بإنتاج الطاقة وسواها من المجالات الطبية والصناعية، يُلزمها بالشفافية والوفاء بقوانين الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي شهدت بالالتزام الإيراني التام بالقوانين وبتعهداتها، فما الذي تريده واشنطن من الصخب الذي تفتعله؟.
لا شيء غير المُواجهة والحرب، هو ما تسعى له واشنطن، ولأنها تتهيب الحرب وتدرك ربما أثمانها، تسعى لخلق مشكلة جديدة بحجم أزمة، تشغل طهران بها، وتستنزف بشيطان التفاصيل التي ستُثيرها كل من يقف ليس مع طهران، وإنما كل من يقف مع القانون من روسيا إلى الصين مروراً بأوروبا التابعة المغلوبة على أمرها بإرادتها..
الصخبُ الأميركي يُمهد لجولة عبث حامية على العالم أن يستعد لها، وأن يُحسن توجيهها ليجعل أميركا تفهم وتتقلص قسراً.