وحقوقه لااستعلاء فيها ولاتعدٍ ولاتهديد بالقوة تكن نتائجها بالضرورة سليمة صحيحة وايجابية, وفي حال لم تكن المقدمات كذلك جاءت نتائج السياسة على النقيض الجذري لما يشتهيه واضعوها من اهداف بغض النظر عن حجم القوة العسكرية والاقتصادية التي تقف وراء هذه السياسة ومبرمجيها.
وعلى هذه القاعدة يمكن فهم وتفسير سلسلة الأزمات الكبرى التي انتهت اليها سياسة المحافظين الجدد بزعامة الرئيس الأميركي جورج بوش.
ففي أي مكان توجهت اليه هذه السياسة انتهت الى أزمة حادة أخفقت جهود الادارة المنتجة لها في الخروج منها والتخفيف من وطأتها, والسبب في ذلك هو الخطأ الأساسي الذي (ركبت عليه )هذه السياسة وتمثل في منطق غرور القوة ونزعة الأبطرة والاستعلاء والهيمنة وتهميش حقوق الآخرين ومصالحهم وجعل العالم كله مجالاً حيوياً للمصالح الأميركية والاستخفاف بإرادة الشعوب وقوى كثيرة ذات وزن نوعي لقوتها تستطيع إن تحركت كما فعلت روسيا مؤخراً في مواجهة التمدد الأميركي الأخير في منطقة القوقاز أن تغير معادلات الوضع الدولي لتؤسس لنظام عالمي جديد متعدد الاقطاب.
والأدلة على هذه الحقيقة أكثر من أن تحصى, فمن أفغانستان إلى العراق ففلسطين ولبنان والسودان تعيش السياسة الأميركية أزمات حادة جاءت نتائج طبيعية لمشاريعها الخاطئة التي بنتها على الغزو والتغيير القسري بوسائل القوة والتهديد والوعيد والضغوط والعزل والحصار.
ومع إيران وكوريا الديمقراطية دخلت هذه السياسة الخاطئة في أزمتين دوليتين بسبب ازدواجية تعاملها مع هاتين الدولتين بخصوص ملفيهما النوويين.
والآن بسبب خطأ حسابات التقدير للرد الروسي المحتمل في مواجهة سياسة تطويق روسيا عبر الهيمنة على دول جوارها وخصوصاً جورجيا, دخلت السياسة الأميركية في واحدة من أشد أزمات علاقاتها مع عملاق الشرق حدة وخطورة.
وحتى في ماتعتبره أميركا حديقة خلفية لها, بدأت السياسة الأميركية تواجه أزمة دبلوماسية بطرد سفرائها من بوليفيا وفنزويلا وتعليق استقبال سفيرها في هندوراس, وقد يكون( الحبل على الجرار ) مع دول أخرى حتى يأتي يوم تطبق فيه العزلة من كل حدب وصوب على أميركا, وتورث فيه إدارة بوش للرئيس المنتخب سياسة مأزومة وعلاقات متردية لامجال لتصحيحها إلا بتغيير جذري في بنية هذه السياسة وتوجهاتها والمقترحات الخاطئة التي انطلقت منها, وتلك هي مهمة الإدارة المنتظرة إن هي أرادت إخراج أميركا من أزماتها والحفاظ على مصالحها.