.. بل ربما يسعى المشرع والتاجر المحترف- بالتعاون- لجعل القيم والأخلاق الروح التي ينبض بها القانون وتبعث فيه الحياة بفعل الحاجة له كناظم ومعيار يحتكم إليه ضمانا للمنافسة الشريفة ومنعا للفوضى والمضاربة والاحتكار و...و..
الخبر غير الجيد الذي بين أيدينا لاعلاقة له بالتجارة ولابالأخلاق والقيم وإنما بالفساد والإفساد والإضرار المتعمد بالدولة والوطن حيث يقول: إن ثمة أشخاص (ليسوا تجارا) استحصلوا على موافقات لإقامة مشاريع استثمارية -زراعية وصناعية -قامت وهماً، وليس على أرض الواقع ،ما أتاح لأصحابها الإفادة من التسهيلات ومكنهم من استيراد مواد أولية واستلام مخصصات لمنشآتهم الوهمية ومن ثم الاتجار بها!!.
هؤلاء ربما يعتقدون أن في الأمر شطارة، لكنهم يعرفون بالتأكيد في قرارة أنفسهم أن في ذلك سرقة ونهباً واحتيالاً وإضراراً فادحاً بالمال العام، فهو فعل غير أخلاقي يحقق ربحا وإثراء غير مشروع من جهة، ويلحق من جهة أخرى ضررا كبيرا بخزينة الدولة لأنه ينطوي على تهرب جمركي وضريبي، فضلا عن أنه يضلل الاحصاءات والبيانات ويفوت فرصة لإقامة مشاريع حقيقية توفر عددا كبيرا من فرص العمل.
لاشك أن معرفة هذه الآثار تسقط اعتقاد البعض بقصة الشطارة إياها، وترسخ لدى الجميع القناعة بأن ذلك لايمكن أن يكون الا فساداً ينبغي التعاون لكشفه ومحاربته ومحاسبة مرتكبيه في الاتجاهين وحيثما كان أو وجد من ساعد عليه أو سهل ارتكابه.
باختصار..، كي تكون المنشأة وهمية يجب ان تتوفر ارادتان لاقامتها وهما: الأولى لدى صاحبها، والثانية لدى الجهات الرسمية التي من المقرر أن تكشف على الواقع قبل الشروع بمنح رخص وموافقات الاستيراد وتسليم المواد والمخصصات لزوم المنشأة، ولذلك لابد من الرقابة والمتابعة والمحاسبة في الاتجاهين.
والمحاسبة هنا يجب أن تصل الى أبعدمدىً لأن الجرم المرتكب لايكتفي بإلحاق الضرر المتعمد والمخطط له بالدولة، وإنما يشد بها إلى الخلف في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة لتسجيل خطوات اضافية متقدمة في مجال الاستثمار تحقيقاً للتنمية، وتجهد لتحقيق انجازات نوعية على طريق الاصلاح، وتواصل عملها لمواكبة المتغيرات الاقتصادية العالمية، وتجترح الحلول للمشكلات ، وتحرص على اقامة شراكة حقيقية بين القطاعات الاقتصادية الوطنية بحثاً عن تكامل الأدوار وسعياً لتنفيذ الخطط والبرامج التنموية الطموحة.
إن إستغلال التشريعات وحزمة الاجراءات والقرارات المحفزة لتنشيط الاقتصاد والاستثمارات على هذا الوجه هو جريمة كبرى ينبغي عدم التساهل مع مرتكبيها، ويجب إحالتهم الى القضاء والتشهير بهم لأن مايقومون به لاعلاقة له بالتجارة أو الاستثمار وإنما هو الفساد عينه.