ليس من السهل إحراز تقدّم نحوها , لأنها تحتاج فعلياً إلى جملة إجراءات تراكمية, وحكايات طويلة عريضة لابد من الأخذ بها حتى تجد منفذاً آمناً باتجاه النتيجة المستهدفة .
المشكلة تكمن في أنَّ هذه الإجراءات وتلك الحكايات , تمرُّ بمعابر مؤلمة , كحقيقة مُرَّة , ليس بمقدور أحد أن يتجاوزها , فالطريق من دمشق إلى دير الزور, مثلاً , لايمكن أن يبدأ من تدمر , علينا أن نتجاوزه شيئاً فشيئاً , وبكل مايحمله من أخطار ووضوح ومفاجآت , وعلينا أن نصبر , فالعراقيل والمسافة الطويلة, لا تعني أننا لانسير باتجاه تدمر , إننا على الطريق , وأعمدة زنوبيا قادمة , وعند الوصول إلى هناك سنستريح , ولكنها ليست نهاية المتاعب , فبقية الطريق محفوفة بالمخاطر, وللوصول إلى ضفاف فرات دير الزور لايجوز لتلك المخاطر أن تثنينا فعلاً عن متابعة الطريق , ولا أن تُثبط همتنا , ولا أن تُفقدنا الثقة بمنظمي هذه الرحلة الشاقّة , والتأفف ضمن الحافلة لن يُغَيِّرَ في الأمر شيئاً , لابل قد يزيد من المعاناة أكثر فأكثر , رغم أنّ مَن يتعب ويتمرمر, من حقّه أنْ يتأفّفَ فعلاً , ولكن الأفضل لنا أن نتجرع ذاك المرّ راضين قانعين , لنكون يداً واحدة وقلباً وأملاً واحداً .
كلام ساذج عند الكثيرين , ومرير - لاشك في ذلك - ولكنها الحقيقة , ونكرانها لن يجلب شطَّ الفرات سريعاً , فحريٌّ بنا أن نستوعب ونتفهَّم الإجراءات الأخيرة للحكومة , هي مُتعبة , قاسية, صعبة , ومؤلمة , هذا صحيحٌ كله , ولكنها هي الطريق أيضاً , وقد اختارتْ المسار الأفضل والأهدأ , والمُتدرّج , وهذا ليس كلاما,ً فقد سبق ورأينا مآسي غيرنا , الذين استبدلوا التدرُّج بالصدمات, والهدوء بالمفاجآت .
رغم ماقد يصيبُ هذا الكلام من سخطٍ واستهزاء , فإنّ العديد من الملامح صارت تؤكد بأننا على الطريق الذي يوصلنا شطَّ الفرات , زيادة رواتب , صندوق لدعم الانتاج الزراعي , صندوق للمعونة الاجتماعية , ولتنمية الصادرات , وإصلاحات هنا وأخرى هناك .. فالفرات يقترب , ولعلَّ استعادة الثقة قد أوشك أيضاً .