ولعل هذا الأمر يضع علامة استفهام كبرى بشأن نوعية الحكام الذين قد تفرزهم الديمقراطيات الغربية, مثلما تثير التساؤلات نفسها الازمة المالية الحالية بشأن جدارة النظام الرأسمالي بصيغه الراهنة كحل نهائي للبشرية . واذا كانت هذه الازمة تنسف اليوم العديد من اسس ومقومات هذا النظام وتحرض مراكز الرأسمالية ومفكريها على اجراء مراجعة عميقة لهذه الاسس تلافيا لسقوط أشمل , فان الاحرى أن تحرض ايضا, وفي ضوء المستوى الكارثي لحماقات جورج بوش وعصبته,على مراجعة الأساليب والصيغ السياسية التي انتجها هذا النظام والتي كما يبدو لا تنتج دوما الافضل في مجتمعاتها.
والواقع ان مجمل صيغ المراقبة والمحاسبة في هذا النظام لم تمكن من تلافي الكوارث الكبرى التي قد يورط بها بلادهم مجموعة من الحمقى والمتعصبين, بل لا تتيح محاسبتهم لاحقا مهما بدا حجم جرائمهم . وجميعنا نذكر كيف ان المظاهرات المليونية وكل التحذيرات والصيحات لم تلجم أصحاب الرؤوس الحامية في واشنطن ولندن عن غزو العراق مستخدمين كل أشكال الكذب والتلفيق, وهي أكاذيب لم يلق مرتكبوها بعد افتضاحهم أمرهم أي محاسبة ايضا .
ان مراجعة الاسس الفكرية والاقتصادية للرأسمالية تستدعي مراجعة أكثر الحاحا لمنتجها السياسي المسمى الديمقراطية الغربية والذي لا تقل فواجعه السياسية والعسكرية عما لحق بالبشرية من مآسٍ اقتصادية نتيجة الازمة المالية الراهنة.