وعندما تستعاد فكرة أن قلب الأمة العربية ينبض دوماً في دمشق فإن ذلك يعني فيما يعنيه استمرار ذلك الدم الذي مازال يضخ في أوردة وشرايين الأمة التي أريد لها الضعف والهوان.
فصاحب المقولة قائد تاريخي وصاحب مبدأ أصيل دفع حياته ثمناً لها وهي شهادة أصيلة لايمكن لعوادي الزمن أن تحميها وإن حاول البعض وضعها على الرفوف علّ الغبار يتراكم عليها ويخفيها.
الفكرة ذاتها لها مثيلاتها في التاريخ العربي ففي زمن انقسم فيه العرب أعراباً وتعددت دولهم وممالكهم وسلطاناتهم، واعتدى بعضهم على البعض الآخر.
وفي زمن تعاون جانب من تلك الممالك مع الأعداء الفرنجة الساعين للاستيطان في أرضهم ضد إخوانهم وأبناء قومهم لكن كان لابد من ظهور كتاب الجهاد لصاحبه علي بن سالم السلي الذي أذكى فكرة الجهاد الحقيقي، وكرس معنى المحبة والتعاون، الأمر الذي مكن قائداً تاريخياً من استعادة بيت المقدس وكل الأراضي العربية المحتلة ليغدو صلاح الدين الأيوبي شخصية مفصلية في تاريخ المنطقة والعالم، وتنتهي إلى غير رجعة فكرة الاستيطان الغربي في بلادنا، إلى حين معاودتها من الأجانب الغزاة الجدد في فلسطين المحتلة.
واليوم يعود الألق لفكرة العروبة التي حاول الصهاينة على مدى أكثر من ستة عقود إقامة جذوتها وجهدوا في سبيل تخريب أبنائها وزرع الفرقة بين دولها، واستعداء بعضهم بعضاً تستعاد الفكرة الأصل باعتبارها تمثل الرد الموضوعي والمنطقي لمواجهة العدوان الصهيوني المدعوم غربياً والذي استمال بعض الخائفين على عرو شهم في الكيانات الرملية المتحركة مثل كثبان الصحارى الحارة.
تستعاد فكرة العروبة باعتبارها هوى أفئدة العرب وروح الأمة وملتقى ما تعدد من إقاليمها ولهجاتها.
فالعروبة كانت الرباط الجامع على الدوام لكل الفئات والتي عاشت فوق الأرض العربية كونها محتوى حضارياً وإنسانياً تجمع المتباعدين وتقرب المسافات فيما بينهم، وتصهرهم في كيان إنساني لا يعرف للعداوة أي معنى.
ولكن تبقى القدرة على تفعيل محتواها مرتبطة بمدى الإيمان بها والرغبة الحقيقية في تجاوز كل أشكال التبعية والتخلف.
والأحداث الأخيرة كانت كفيلة بكشف الصدأ المتراكم عليها والانطلاق نحو استعادة معناها وستكشف قادمات الأيام تلك القدرة الكامنة التي كانت تنتظر «ابنها» القادم من رحمها الأصيل ليكشف صدأ السنين ويبدأ مرحلة العمل الفعال.