تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


وسائل الموت

معاً على الطريق
الخميس 12-1-2012
عبد النبي حجازي

أذيع خبر أن رقعة واسعة من الأرض يعاد إعمارها في أفعانستان زرعت فيها الألغام وحاول الأهالي إزالتها بوسائل بدائية أدت إلى سقوط نحو 35 ضحية يومياً، ولا نزال نذكر الألغام التي زرعتها إسرائيل في جنوبي لبنان والبقاع الغربي وكم أدت إلى الإصابة بالإعاقات وسقوط الضحايا.

يقول ابن نباتة البغدادي (941 - 1014 م) قبل ألف عام:‏

من لم يمت بالسيف مات بغيره‏

تعددت الأسباب والموت واحد‏

كانت وسيلة الموت الرئيسة هي السيف ومشتقاته كالرمح والخنجر وربما العصا والحجر خلال النزالات (الفردية) وهي نفسها خلال الحروب والاشتباكات بحيث يكون من السهل معرفة عدد الضحايا مهما كبر عدد أفراد الجيشين المتصارعين.‏

يروى أن النابغة الذبياني كان جالساً في ديوان (أبو قابوس) النعمان بن المنذر ملك الحيرة فمرت عرضاً زوجته (المتجردة) وكانت من جميلات العرب فسقط الغطاء عن رأسها. قال للنابغة «صفها» ومما قاله النابغة:‏

سقط النصيف ولم ترد إسقاطه‏

فتناولته واتقتنا باليد‏

بمخضب رخص كأن بنانه‏

عنم على أغصانه لم يعقد‏

(العنم: نبات أزهاره قرمزية)‏

ويروى أن المنافسين أوغروا صدر النعمان فهدده بالقتل، امتلأ النابغة بالرعب وكان النعمان شديد البطش فكتب النابغة قصيدة يعتذر فيها منها:‏

فبتّ كأن العائدات فرشن لي‏

هراساً به يعلى فراشي ويقشب‏

متخيلاً أنه غدا كمن لسعته الأفعى وهذه هي من الأسباب الأخرى المتعددة من الجانب الفردي (لسعة الأفعى) فكانوا يمددون المريض عارياً على فراش من الشوك رؤوسه حادة كالإبر تنغرس في جسم المريض فيسيل منه الدعم ممزوجاً بالسم.‏

وأهم الأسباب الأخرى من الجانب الاجتماعي الجوائح كالكوليرا والملاريا وما شابهها، وأهم علاجها كان (الحجر) للوقاية منها كما جاء في الحديث الشريف «إذا حلّ الوباء بأرض فلا تدخلوها ولاتخرجوا منها».‏

إن التقدم العلمي الذي بدأ يتطور في نهاية القرن التاسع عشر بعد النهضة الأوروبية التي قامت في القرن السابع عشر إنه بقدر ما قدم من وسائل رفاهية للإنسان منّاه بالويلات والمصائب التي أخذت هي الأخرى تتطور بدءاً بالبندقية فالرشيش فالمدفع استعملت في الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918) ثم الطائرات المقاتلة، مما جاء في كتاب «جرائم الحرب في فيتنام» كان الأمريكيون يرشون مواداً كيميائية على الغابات تجردها من الأوراق لينكشف لهم الثوار المختبئون فيها، وكانوا يرشون على المحاصيل الزراعية مواداً عندما يأكلها الشعب يصابون بحالة من التخدير مدة أربع وعشرين ساعة، وتطورت آلة القتل إلى القنبلة الذرية كالتي ألقيت على هيروشيما باليابان في 7/8/1945 وراح ضحيتها 100 ألف إنسان وعلى ناغازاكي في 3/9 وراح ضحيتها (60-80) ألفاً عدا الخرائب وأثر الإشعاع الذي مازالت بقاياه حتى اليوم، والقنابل العنقودية والمسمارية والفوسفورية كالتي ألقتها أمريكا على الشعب العراقي عام 2003 وأخيراً الطائرة بلاطيار التي تتجسس وتلقي القنابل ومهما كانت وسائل الرفاهية التي تحققت للإنسانية فإن ما حققته الحروب من الويلات كان أكثر وحشية ودماراً بيد أن الأكثر خسة وسفالة هي (الألغام) التي تزرع في الأماكن المأهولة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 عبد النبي حجازي
عبد النبي حجازي

القراءات: 2148
القراءات: 1086
القراءات: 1095
القراءات: 1083
القراءات: 1287
القراءات: 1111
القراءات: 1047
القراءات: 1332
القراءات: 1299
القراءات: 1152
القراءات: 1682
القراءات: 1208
القراءات: 1770
القراءات: 1250
القراءات: 1206
القراءات: 1307
القراءات: 1245
القراءات: 1328
القراءات: 1311
القراءات: 1322
القراءات: 1538
القراءات: 1696
القراءات: 1484
القراءات: 1402
القراءات: 1834

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية