بحاجة الى هذا الحضور وهذه الفاعلية بصورتها المعقلنة والمتوازنة لبناء نسيج من العلاقات الدولية أكثر استقراراً وامناً .
ورغم كل ماعرفه المشهد السياسي الدولي من هيمنة وتفرد اميركيين في أعقاب الحرب العالمية الثانية , وخاصة في عهدي إدارة الرئيس جورج بوش الحالية , احتفظت اوروبا بدورها وفاعليتها ولو منقوصة بفعل الاستحواذ الاميركي .
غير أن ماجرى من متغيرات دولية خلال السنوات القليلة الماضية بدءاً من التورط الاميركي في احتلال العراق وافغانستان , وصولا الى الازمة المالية العالمية الراهنة , والاميركية على وجه التخصيص , أعاد عملية احتساب الأدوار والفاعليات الدولية الى بداياتها وشروطها الاولى , بعدما عجزت السياسات الاميركية عن إدارة الدفة العالمية والتحق الاقتصاد الاميركي بالسياسة في أكبر أزمة عرفها في تاريخه الحديث من جراء الاستنزاف المتواصل الذي تسببت به السياسات الخاطئة .
اليوم , يستطيع الاتحاد الأوروبي أن يستعيد مقداراً كبيراً من دوره وفاعليته في رسم السياسة الدولية وتوازناتها ومعادلاتها , وأن يعوض العجز الاميركي في إدارة هذه السياسات , بالتعاون مع روسيا والصين واقطاب أخرى تنهض تباعاً على هذه الساحة , أولاً بفعل ضرورات ملء الفراغ الذي ستخلفه أميركا , وثانياً بفعل حضور مكونات الدور الاوروبي التاريخي واستمرارها .
يستطيع الاتحاد الاوروبي , وهي فرصته الأثمن منذ عقود طويلة , أن يستعيد حضوره والأفق الأوسع الذي كان له , وبالتالي تأثيره البعيد المدى في إعادة التوازن والاستقرار الى العالم وفي مقدمه منطقتنا العربية عبر الاحتكام أولاً الى قوانين الشرعية الدولية في معالجة الأزمات المعلقة , وثانياً عبر ممارسة الضغط المجدي السياسي والاقتصادي على الطرف المتمرد على تلك القوانين اسرائيل .
ثمة فرصة حقيقية أمام اوروبا متجددة وواعدة لإعادة العالم الى توازناته التي تضمن أمنه واستقراره وتوفر الفرصة لشعوبه بالنمو والتطور .