لكأنهم يبرهنون صحة ما ذهب إليه آراغون في وصفهم- أولئك أصحاب الركوع, الأيسر عليهم أن يبدلوا الصنم من أن يبدلوا الطقوس- فهذا الكاتب شيخ الكلمة, و ذلك الممثل إمام المسرح, و تلك المغنية إلهة الطرب...! ما الذي فقدناه, لنلهث نحو تقديس كل ما أصبح ماضياً ليس بعمر الزمن بل بعمر ذاكرتنا? لماذا الوقوف في محطة لاتملك وعداً بوصول? لماذا يمنع علينا إعادة قراءة نتاج أو حياة أولئك- مع تقديرنا لهم و احترامنا لتراثهم - فهل تكلست مفاصل التفكير عند بعضنا, فثارت ثائرتهم لأن ما قيل بحق هذا و تلك لم يرقَ إلى قدسية عباءتهم? إن كان الكبار فينا كباراً فهم ملكية مشاعة وليس من وكالة حصرية باسم أحد للتعامل مع إرثهم أو سيرتهم! نتساءل: أما زلنا بحاجة إلى طواطم?
نحتاج اليوم إلى إعادة معرفتنا أي إعادة إنتاج معطياتها الثلاث- الدين و السياسة و الاجتماع- بعض الكبار ممن نجل ونحترم , قد يتحولون إلى شيك بلا رصيد, أسماء براقة ما زالت تنظر في كل الميادين جارة معها كلاسيكيات ما عادت تملك قدرة التصريف في بنوك اليوم. و كي لا يفهم من الكلام عكس ما يقصد, أقول: تراثنا هام, و ذاكرتنا هامة, و كلاسيكياتنا أيضاً , و لكن من أين جاءتها كل تلك القداسة و تحريم الخوض فيها أو إعادة قرءاتها بمنظار جديد, ولم تكن تنزيلاً من السماء! في زمن العولمة حيث توحد التكنولوجيا كل شيء لابد فعلياً من تمايز الثقافة والحفاظ على هذا التمايز كسمة هامة, لكننا نملك من الطواطم ما نستطيع تصديره!
suzani@ aloola.sy