فإن السوريين قد يكونون أفضل حالاً في ارتقاب الحل المنتظر , ذلك الحل الذي قد لا يبدو واضح المعالم للبعض فيما الوقائع على الأرض تعطيه معالم واضحة ودقيقة بعيداً عن كل الحملات الإعلامية وأعمال التضليل , فضلاً عن خطابات الحقد والكراهية , ومايرافقها من تشكيك محمول على ألسنة شخصيات الفتنة وأدعياء الدين وغلاة السياسيين ممن لايتحرجون من اجترار الكذب على مدار الساعة..؟
يتجه العالم بدوله وهيئاته ومنظماته وأجهزته نحو إيجاد حلول سياسية تلي الاتفاق النووي مابين إيران والغرب الاستعماري فما أن أجمع مجلس الأمن على رفع العقوبات عن طهران , مقراً اتفاق فيينا النووي حتى تقاطر المسؤولون الأوروبيون بدءاً من السيدة فيديريكاموغريني منسقة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي متبوعة بلوران فابيوس وزير خارجية فرنسا بانتظار الكثير من المسؤولين الذين يسارعون لحجز مكان لهم في قاطرة الاستثمارات الإيرانية الواعدة والتشارك مع الإيرانيين في البحث عن حلول لمعوقات تنفيذ حيثيات وتوابع الاتفاق في المنطقة والعالم .
وبالتزامن مع هذه الزيارات تعلن وسائل إعلام غربية عبر تسريبات مقصودة عن لقاءات واتفاقيات سرية بين أجهزة متصارعة ومتضادة في العالم تعيد رسم خريطة الصراع والعلاقات المستقبلية وفق إيقاع الاتفاق التاريخي .
وفي ظل هذه المستجدات تبقى الحالة السورية تفرض حضورها على جوهر العلاقات الدولية فمن تركيا التي دخلت في التحالف الأميركي إلى السعودية التي أعلنت مضطرة محاربتها للإرهاب تنبىء كتابات الصحفيين عن تحولات في موقفي هذين البلدين اللذين كان لها أكبر الإسهامات في دعم وتمويل وتسليح الإرهاب , وترتبط هذه التحولات بالمخاوف المتعلقة بالأمن القومي لكلا البلدين , ومايتهددهما من مخاوف من عدم القدرة للسيطرة على حركة الإرهاب والإرهابيين . وخاصة تنظيم داعش باعتباره الهدف الأول في معركة العالم ضد الإرهاب فكيف ستكون النتيجة عندما يعلن الناطقون باسم داعمي الإرهاب عن تحول دولهم إلى اتخاذ مواقف تخالف وتعاكس مواقفهم السابقة؟
إنها الصورة المعقدة لمسألة الإرهاب الدولي كونه أداة في الأصل لخدمة المصالح الغربية والأميركية خاصة ابتداءً من وجود القاعدة في أفغانستان مروراً بالمجموعات المتفرعة عنها في العراق وغيره, وصولاً إلى داعش الممتد في الكثير من دول المنطقة وتهديد الأمن والاستقرار في العالم بما فيه القارة الأوروبية وحتى الولايات المتحدة الأميركية , فما صنعه الغرب تنفيذاً لسياسته الداعمة لإسرائيل بدأ يحصد نتائجه الكارثية في تحول مجتمعاته إلى بيئة مولدة للإرهاب , مكتشفاً أن تصوراته لم تكن تستند إلى معرفة دقيقة بواقع وعلاقات المنطقة , وخاصة سورية .
بالرغم من هذه المؤشرات الشكلية والمنطقية فإن الأهداف العدوانية البعيدة مازالت تعيق تحقيقها, فيقع الغرب الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية وكل من تركيا والسعودية في حيرة اتخاذ القرار المناسب بعد فشل مشاريعهم التي كلفت قرابة تريليون دولار حتى الآن . ويبقى التخبط العامل المؤثر في آليات إدارة الصراع لأنهم لايريدون الإقرار بالهزيمة التاريخية أمام مسألة القوات المسلحة السورية وصمود الشعب السوري , والمقاومة فأين الخلاص ؟.
إن المصالح الغربية تقتضي ضرورة الاحتكام إلى المنطق المستند إلى الوقائع والاعتراف بحقيقة مواجهة سورية للإرهاب , والدور الذي تقوم به دفاعاً عن سكان البشرية كلها, عند ذلك فقط يمكن التحول نحو مواجهة فاعلة وصادقة ضد الإرهاب ,وهو مايبدو بعيد التحقق , فهم يضيعون الفرص ويخسرون الوقت , لكنهم سيضطرون في النهاية للتوجه نحو دمشق معترفين أمام كرسيها الكبير.