وعلى الرغم من محاولات اسرائيل التقليل من اهمية وشأن الدعاوى التي تم تحريكها ضد مجرمي الحرب من مسؤوليها وجنرالاتها ، الا أن ردود الفعل التي صدرت عنها خلال وبعد العدوان على غزة تؤشر بوضوح الى حالة فيها مزيج من الخوف والغضب والارتباك.
هذه الحالة يجسدها رد الفعل الاسرائيلي الغاضب من واشنطن احتجاجاً على قول المندوبة الاميركية في جلسة لمجلس الامن الدولي: انها تتوقع تجاوب اسرائيل مع الدعوات للتحقيق في الاتهامات الموجهة لها بخرق القانون الدولي في غزة.
وتتجسد أيضاً في الحملات السياسية والاعلامية الاسرائيلية المركزة ضد تركيا والاردن على خلفية الموقف التركي المتقدم، وعلى دعوى مجلس النواب الاردني التي أعقبها طلب عمان من اولمرت وباراك وليفني وديختر واشكينازي عدم زيارتها.
ومع تكاثر الدعوات لمحاكمة اسرائيل على جرائمها الموثقة في غزة سواء المقدمة الى محاكم اسبانيا وتركيا وغيرهما، او التي رفعت ضدها الى الجنائية الدولية تبرز حقيقة اسرائيل الارهابية ويتأكد انهيار منظومة القيم التي طالما تغنى بها الغرب واميركا.
واذا كانت جهود افراد وجماعات هنا وهناك قد دفعت الى بروز هذه الحقيقة، فإنه من المؤكد أن انضمام الحكومات ودعمها لهذا الاتجاه سيؤدي حتماً لترجمة المحاكمات فعلاً إن لم يكن على المستوى القضائي فعلى المستوى السياسي برفض استقبال مجرمي الحرب الاسرائيليين أو التواصل معهم.
ولعلها فرصة سانحة اليوم امام بعض الحكومات العربية التي اذا لم تكن خلال العدوان قد خذلت المقاومة والشعب، واذا لم تكن قد تواطأت على المقاومة في غزة، فإنه من الثابت انها لم تكن مع غزة ولم تقف الى جانب المقاومة، أمام هذه الحكومات فرصة من ذهب لاصلاح موقفها أو إعلان التراجع عنه كلياً.
وقد يوفر المؤتمر الدولي المقرر عقده في الدوحة 22 الجاري الذي يضم هيئات حقوقية عالمية واكثر من 200 شخصية دولية فرصة إضافية لهذه الحكومات المدعوة لدعم المؤتمر، والمطالبة بالسماح للاشخاص والهيئات بالمشاركة، لاسيما تلك التي عملت على رصد وتوثيق جرائم الاحتلال قانونياً وإعلامياً - تثميراً للمؤتمر- فضلاً عن أنها مطالبة بالعمل استناداً لمقررات قمة الكويت لايجاد آليات لحماية الشعب الفلسطيني والإسهام بتحريك آليات لمحاكمة اسرائيل وتقديم مجرمي الحرب الى العدالة الدولية.