نخاف ماضينا فنجبن عن قراءة تاريخنا بشكل صحيح سليم ييسر لنا الإفادة منه.. ونخاف مستقبلنا فنخشى دائماً ما يخبئه الغد. نلون التاريخ على الهوى ونضيء من حوله ألوان الكذب كي يرضي أرواحنا، نكذب على المستقبل بالألوان ذاتها، ثم نندفع نحو الضياء الكاذبة للتاريخ والمستقبل كالبعوض، الذي لا يدري أنه يطير إلى حتفه.
تعلمنا أن ننشد للموت والرصاص والدم ؟! وكان ذلك من شدة خوفنا وجبننا، وهروباً من الحياة التي لم نعرفها ولم نعشقها إلا بصورتها المشوهة التي تنتظر دائماً، وهي مرعوبة، مجهولاً هو الموت. كيف يعرف الحياة من يدعي عشق الموت ؟! بل يرى أن حياته تبدأ بعد الموت ؟! فإن كان ثمة حياة بعد الموت فهي للذين عشقوا الحياة و عملوا من أجلها. والفرق كبير بين الشهادة الحق، والانتحار. نغطي أفراحنا و أحزاننا و خيباتنا بالصراخ... ! نصرخ في الفرح وفي الحزن و في الكذب و في الادعاءات، ونرفع «عقيراتنا» فإن لم تسعفنا نستخدم حتى الرصاص لنعبر عن جهلنا بالحياة حزناً وفرحاً ؟!.. لعروسنا نطلق الرصاص، و للعريس أيضاً !!! لميتنا و لمحدثنا و من أجل الحوار!! للتأييد و للمعارضة... باختصار نلعب بالرصاص لعباً ! ولا يتخذ من الرصاص لعبة، إلا من يجهل المهمة الأخرى له ؟! أي يجهل أن الرصاص هو للدفاع عن الوطن والشعب فقط. أما احدث الأصوات العالية من أجل التعبير عن مكنونات اللحظة فعليكم بالطبول، هي على الأقل، أقل خطراً.
تقريباً ليس في ذلك ما هو جديد علينا، وقد قرأه فينا كثيرون وهناك من سمانا ب «ظاهرة صوتية».
لكن الجديد فعلياً علينا كسوريين تحديداً، ذاك العنف الذي أظهرناه في السنتين الأخيرتين ؟! أبداً لم أعرف عن السوريين يوماً العنف إلى درجة هدر الحياة ذبحاً أو بقطع الرأس أو بأي اسلوب كان... تقولون: هم الوافدون من مجرمين و إرهابيين... لكن كي لانغرق مرة أخرى في الادعاء والجبن يجب أن نعترف أن فينا و بيننا من فعل وقتل وذبح وأهدر الحياة دون مبررات كافية أو دون أي مبررات. على الأقل لم يكن في وجداننا و ضمائرنا من الرفض ما يكفي لخلق رداء يقي من الجريمة فوقعت أمام أعيننا وكنا ضحيتها. وما زلنا نلعب بالرصاص والصراخ والأصوات الصاخبة كأننا نخشى أن نواجه واقعاً نعيشه.
ما الذي أبحث عنه ؟
حسن...
أنا أبحث عن صوت العقل بديلاً عن صوت الادعاء و الكذب والجهل والصراخ و...الرصاص في الأفراح والأتراح.
as.abboud@gmail.com