سواء أكان ذلك بالشجب أم بالتأييد إلا من يفترض بها أن تكون السباقة ليس لإعلان الموقف فحسب بل لاتخاذ الإجراءات الكفيلة بردع العدوان وايقافه، والمقصود هنا إذا جازت التسمية مؤسسة القمة العربية.
الشعوب عادة هي التي تدين وتستنكر وتتظاهر وهذه وسائلها للتعبير عن الرفض والغضب ،أما القادة فإنهم مطالبون أمام شعوبهم ومسؤولياتهم باتخاذ الإجراءات والقرارات والمواقف وليس إطلاق عبارات الشجب والإدانة.
بعض العرب أطلقوا مواقف وليتهم صمتوا لأن صمتهم كان على من يذبحون ويقتلون ويحاصرون وتهدم بيوتهم وجامعاتهم وجوامعهم أهون من كلامهم ومواقفهم.
لقد كانت مواقفهم أشد دعماً للعدو والجلاد الذي يعيث خراباً وتدميراً في غزة من كثير من الدول الأوروبية الحليفة لإسرائيل والتي لم تستطع أمام شعوبها والرأي العام فيها إلا أن تطالب برفع الحصار وتأمين الغذاء والمساعدات الإنسانية لشعب غزة الجائع والمجروح والمقتول.
ومن المفارقات أن القرارات التي صدرت عن الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب الذي انعقد بالأمس في القاهرة لم تلب طموحات الشارع العربي الصاخب والغاضب، وكأن من صدر القرار بشأنهم شعباً يعيش في كوكب آخر لا أخوة في الدم والعروبة والمصير المشترك يقتلون ويذبحون وتقطع بهم السبل.
لقد دعا وزراء الخارجية العرب مجلس الأمن والمجتمع الدولي للتحرك لوقف العدوان وهم يعلمون أن في مجلس الأمن حلفاء أقوياء وأوفياء لإسرائيل يملكون حق النقض (الفيتو) سيعطلون أي قرار يدين «إسرائيل» أو يكبل يدها المجرمة عما تفعله الآن ولاحقاً ،وهذا ما حدث بالفعل.
بالتأكيد إن من يعارض انعقاد القمة العربية الطارئة اليوم قبل الغد هم الذين يخافون أن تظهر مواقفهم المؤيدة لإسرائيل وعدوانها ومجازرها إلى العلن أمام شعوبهم وشعوب المنطقة والعالم ولكن وكما يقال في المثل الشعبي (لقد ذاب الثلج وبان المرج) إن مواقف هؤلاء أصبحت معروفة ومفضوحة ولن تخفيها عبارات الشجب والإدانة والاستنكار أو التبريرات التي أصبحت أقبح من ذنب يقترف.
الحقيقة أنه لم يبق في غزة أي وقود لينضج ظروف القمة التي يريدونها سوى ما تبقى من أجساد الأطفال والنساء والشيوخ العزل الذين يحرقون في جحيم من يشاركونهم آراءهم ومواقفهم وإجرامهم.
وأما الذين يريدون القضاء عليهم مع أولمرت وباراك وليفني فنحن نطمئنهم بأنهم باقون وصامدون ومستمرون في المقاومة، وسوف يواصلون إطلاق الصواريخ وقض مضاجع الصهاينة ومن يؤيدهم ويقف معهم.