ولو أشارت النتيجة الإحصائية لازدياد تَردُدِ ذكر المقاومة، محورها، ثقافتها، أثرها.. الخ، بالمُقارنة مع مرحلة سابقة - طبعاً لا بُد من تحديد فضاءات الرصد الإحصائي زمنياً - فينبغي التوقف عند ذلك بالقراءة والتحليل والاستنتاج لتقدير الموقف جيداً والبناء عليه.
من الواضح أنّ النتيجة الإحصائية - المُفترضة - ستُشير للازدياد، بل لكَثرة تَكرار ذكر المقاومة ومحورها في الإعلام، لماذا يَكثُر ذكرها؟ ولماذا يَتكرر ويتكاثر؟.
سؤالان يجب تَقصي الإجابة عنهما، لنَنتقل فيما بعد لطرح أسئلة أخرى تَتدرج في الأهمية والدلالات، كأن نَسأل أيضاً: إذا كان تَكرار ذكر المقاومة ومحورها وثقافتها بالإعلام يُسجل أرقاماً مُتزايدة، وبنسبة مئوية مُتصاعدة سنة بعد سنة، فما دلالات ذلك؟ بل الأهم أن نَسأل: هل بات ذِكر المقاومة ومحورها أكثر قبولاً وتَقبلاً في المُجتمع المُتلقي، وهل صار أقل ثقلاً حتى على مَسامع الجمهور المُعادي للمقاومة؟ لماذا؟ وما أهمية هذه النتيجة؟.
في الحقيقة هذه التساؤلات تُحرض على إجراء البحث، والإحصاء، والتقصي، وينبغي لجهة ما، لا أعرفُ من تكون، أن تَقوم بهذا الفعل للوقوف على الحالة وتَوثيقها بالأرقام، فذلك يُساعد إعلام المقاومة، أو إعلام جبهة المقاومة بكامل مُكوناتها، على تَطوير العمل، الخطاب، الأداء، وصولاً إلى مُستويات أكثر تأثيراً وجَذباً، وبالتأكيد أكثر انتشاراً واستقطاباً.
مَبدئياً، نَعتقد أن تَكرار ذكر المقاومة وتناولها ثقافة ومحوراً ومُكونات، بالإعلام الصديق والمُعادي، إنما يعود للأثر الذي أحدثته وتُحدثه المقاومة فكراً ومُعطيات، كما نَعتقد أنه إذا كان التكرار يَرتبط بالأثر، فإنّ القبول والتَّقبل على نطاق مُجتمعي أوسع للمقاومة وإنجازاتها، يُمثل النتيجة الأكثر أهمية في البحث والتقصي الحقيقي إحصائياً.
وإذا كانت إنجازات جبهة المقاومة، الانتصاراتُ الناجزة التي حققتها وتُحققها، في كل ساحات المواجهة مع منظومة العدوان ومحاور الشر التي تَستهدف أمتنا وقضايانا المَركزية، الأرض، السيادة، الثقافة، التاريخ، الوجود.. هي سببٌ مباشر لتكرار تناول المقاومة، وهي التي جعلت الآخر أكثر تقبلاً للمقاومة ومحورها، فإن ذلك يُرتب على إعلام جبهة المقاومة بهذه الحالة واجب القيام بعمل مُكثف، مسؤول، يكون بالمستوى المطلوب يَستجيب ويُضيف، ولا يَستسلم لمَقولات الرضا التي قد تدفع للاسترخاء انطلاقاً من الشعور بالثقة الأقرب إلى الغرور منها للثقة، ثم ليَكون الوقوع حَتمياً بأفخاخ التّعاطي باستسهال مع القادم الذي ربما هو أصعب، أعقد وأخطر!.
إنّ سلاح الإعلام سلاحٌ فتّاك، هو سلاحٌ إضافي بيد عدونا، لا ينبغي أن نَخشاه، ويجب أن نَستخدمه ذاته في المُواجهة المَحمومة الدائرة، وأن يَمتلك عدونا المال والإمكانيات والقدرات بما هو أعظم مما نَمتلك، فذلك لا يعني أن نُسلم له بالتفوق في هذه الساحة. من واجبنا أن نَقتحم هذا الميدان بالإمكانيات المُتاحة، وهي جيدة وتَقبل التطوير على طريق تحقيق الهدف بالوصول المُؤثر إلى الجمهور الآخر، وليس فقط بالوصول إلى جمهور المقاومة.
الأسئلةُ أعلاه التي لم نَطرحها، وإنما باتت مَطروحة بقوة على الجميع، قد تُشكل المُقدمة لعمل مُختلف ولأداء مُميز، بل ربما لفَرضية هي الأقوى بالتّحريض والتّحفيز لنا في جبهة المقاومة للتعاطي مع الإعلام كسلاح قوي بيَدنا، ولصناعة إعلام يَفتح المَزيد من الفضاءات ويَخترقها، ودائماً من دون أن يَنأى عن جمهوره، فيَبقى لَصيقاً به، شديد الارتباط معه، يُعبر عنه وعن قضاياه، يَشعر بهمومه ويَستجيب لمعالجتها، يُؤدي دوره دوماً بعرض الحقائق والتفاصيل له، يَضعه بصورة ما يجري، ويَجعله على اطلاع مُستمر بكل تطور، أين يقف، ما السَّمت، أين البوصلة، إلى أين يمضي، وما التحديات، وكم هو طويل الشوط؟.