ثمة سر خفي ادى لوصولنا الى مثل هذه الحالة الغرائبية التي من خلالها افتقدنا طاقات كبيرة قد تكون هامة ومعطاءة من بين العاطلين عن العمل الذين يهيمون على وجوهم بحثا عن فرصة ولا يجدون سبيلا لعرض ما عندهم.
وافتقدنا من خلالها ايضا لطاقات القوى العاملة ذاتها التي تتجزأ - في مثل هذه الحالة- متفسخة هنا وهناك لتعطي هنا نذرا من طاقتها وهناك نذرا يسيرا فتتشتت الجهود ويصير الانتاج قليلا في مختلف المواقع بدلا من ان يتكاثف ويتركز, وامام غياب التركيز تصير احتمالات الابداع ضعيفة حيث تبقى حالاته ومحفزاته, هاربة امام التعب والانهاك.
اسباب الوصول لهذه الحالة ما تزال غير واضحة رغم ان السبب اللاحق هو سبب اقتصادي دون شك اذ نمت هذه الحالات في مجتمعنا امام تدني الرواتب والاجور الى مستويات ضعيفة جدا لدرجة ان من يقوم بعملين او ثلاثة بقي غير قادر على مجاراة تكاليف الحياة.
الاحوال تكون ممتازة ان استطاعت مؤسسات وشركات البلد العامة والخاصة ان تمنح العاملين فيها دخلا كافيا يقتل فيهم الانشداد نحو اي عمل اخر وينصرفون الى عملهم بكل امكاناتهم وطاقاتهم وهذا من شأنه ان يحقق وفرا غير مباشر كما يفسح المجال امام العاطلين عن العمل ليجدوا فرصا اكبر امامهم.