تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


سورية الجميلة ...رسائل في الحب الستيني (2)

رسائل في الحب الستيني
الأحد 30/9/2007
أسعد عبود

تبعد بانياس الساحل عن قريتنا نحو /15/ كيلو متراً.. ولم يكن قطع هذه المسافة سهلاً على طرقات جبلية محجرة تعلو وتنخفض دون اعتبارات منطقية لفعل الجيولوجيا.. كانت تسكنها قصص وحكايا..

هنا ساقية يقولون إن (الضبعة) تسكنها وقد سميت باسمها.. وهنا صخور شامخة يقولون إنها تماثيل لمعرسين كانوا يمرون من هنا, وقد اساؤوا للطبيعة والخالق فجمدهم في وضعهم.. وكانوا يسمون الصخور.. هذا هو العريس وهذه هي العروس وهذا الطبال وهذا الزمار.. وهذا شاب يمسك يد صبية الى آخر قائمة المعرسين في تلك الأيام.. وكان يسكنها الجمال الموحش.. اليوم لم تعد كذلك.. بل لم تعد لها معالم.. من جوارها تمر طرقات أخرى لا يسكنها إلا السيارات بما حوت.. غابت الوحشة لكن.. بصراحة بقي الجمال.‏

كان الذين يقصدون بانياس لإحضار مواد تجارتهم يستيقظون قبل الفجر.. ويسوق الواحد منهم دابته فيصل المدينة الساحلية الصغيرة دائمة النشاط مع بدايات أسواقها وبازارتها.‏

وفق الاتفاق المبرم شفهياً بين المغرب والعشاء, حضر محمد أسعد الى بيت القرحيلي كي يوقظه فيتجها معاً الى بانياس.. طرق الباب وانتظر حتى فتح القرحيلي وبدأ يستغفر ربه ويسبحه, فصرخ من أمامه: إنها (الضبعة).. هيا عليها.. كانت الضبعة وحش القرية الذي يحضر في خيالاتهم ومعظم حكاياتهم أكثر بكثير مما يحضر في الحقيقة.. وعن الرعش أمام بيت القرحيلي تناولت يدان الأحجار المناسبة وراحت تقذف بكل قوة على ذاك الجسم الذي يفترض أنه الضبعة, والذي كان يرسل أنات استنجاد مكتومة.. لم يكن ذهن القرحيلي قد استيقظ بعد كي يفهم أنها أنات حماره وليست أنات الضبعة.. فهم ذلك فقط عندما سمع شهقات ضحك محمد أسعد وهو يقول له: بس.. حاجته..‏

- حاجته..?! من هذا الذي حاجته..?!‏

فرك عينيه وركز بصره, فاكتشف أن الضبعة المزعومة ما هي إلا حماره.. وقد فكه من رباطه محمد أسعد ليخرج ذاك المشهد من مسرحية حياتهم المعقدة البسيطة وقد اشتهر فيها بالمرح والرغبة في الضحك والاضحاك.‏

إليهم أحبائي أولئك الذين منعهم ظلام الأرض أن يفرقوا بين الحماروالضبعة.. لكن ظلم الدنيا لم يمنعهم من أن يرسلوا من قلوبهم ضوءاً لتكتب كلمة الحب والحياة على أوراق سورية الجميلة, ضوءاً لنا يهدينا الى طرقات غيرتلك التي عبروها..‏

إليهم أحبائي المسحوقين المقهورين من قضى منهم ومن ينتظر.. إليهم من بين أوراقك, أوراق الحب, قدمت أوراقي أن التزم بهم مدى الحياة, أو أن أبحث عنك حتى أجدك لتكون قصة الحب هذه بيننا..‏

حب يضنيني بقدر ما يفعمني.. وكلما التقيتك تولد في داخلي إرادة أن أرفض الستين كي أستمر في العشق الى النهاية..‏

هل للعشق عمر..?! هل لسورية الجميلة نهاية..?! أبداً فكل يوم تولد بداية للحكاية.. وأنت بدايتها ونهايتها.. طقوس الحب تقتضي أن أعترف لك أن الحب في قلبي ولد معك وأن روحي تعشقك أنت يا وطني.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 أسعد عبود
أسعد عبود

القراءات: 645
القراءات: 948
القراءات: 931
القراءات: 906
القراءات: 954
القراءات: 992
القراءات: 999
القراءات: 980
القراءات: 1073
القراءات: 1088
القراءات: 1023
القراءات: 1066
القراءات: 1038
القراءات: 1077
القراءات: 1334
القراءات: 1217
القراءات: 1121
القراءات: 1142
القراءات: 1201
القراءات: 1201
القراءات: 1208
القراءات: 1229
القراءات: 1223
القراءات: 1277
القراءات: 1278

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية