تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


حالة انفصام

معاً على الطريق
الثلاثاء 27-1-2015
خالد الأشهب

أحد حملة لواء المعارضة من بين السوريين المتنقلين من فندق إلى آخر ومن عاصمة إلى أخرى وهو طبيب، أي ليس متخصصاً في قضايا الفكر والسياسة، يكتب مقالاً مطولاً ومفصلاً وموثقاً حول موضوع ذي صلة بما يجري في سورية،

فيحلل تحالفاً ويركب آخر ويفسرهما بخلفيات تاريخية وسلاسل فكرية منتظمة الاستحضار والإيراد، حتى ليعتقد القارىء للوهلة الأولى أنه أمام بحث أكاديمي محكم في علميته وتوثيقه ومصادره.‏

لا تهمني هنا مادة البحث «المعارض» إياه، سواء في ما قدم أو ما انتهى إليه من النتائج والتعليلات، بل أتحدث عن لصوصية النقل والتوثيق من جهة، وعن غباء غير المحترف في إيقاع نفسه حيث لا ينبغي للمدعي أن يقع . فقارىء المقال أو البحث إياه يبدأ القراءة بمقدمة عاصفة من السب والشتم والسخرية السوقية والتهكم السخيف، وفجأة ينتقل مباشرة إلى كلام هادىء رزين وحافل بالمفاهيم والمصطلحات العلمية والتاريخية حين ينخرط الكاتب المعارض في مناقشة محاور مادته الفكرية، لكنه وبين كل مقطع وآخر من الرزانة والهدوء والعلمية يستعيد الكاتب المفترض للمقال سوقيته وهشاشته في تفسير المقطع ومحاولة مطابقته، ولو قسراً، مع ما يجري على أرض الواقع السوري.‏

تابعت قراءة المقال البحث إلى آخره لأنني أردت متابعة تلك المقاطع الرزينة الهادئة فيه، ولأنني اكتشفت مبكراً لصوصية الكاتب وسطوه على تلك المقاطع واستجرارها إلى حيث توهم أنها تخدم غاياته الخبيثة، وربما لم ينتبه الكاتب إياه إلى أن هذه المقاطع عرته من حيث لا يدري، بل ومن حيث تعمد محاولة تفسيرها والتعليق عليها ومحاولته مطابقتها قسراً مع ما هو ليس أهلاً أو نظيراً لها!‏

بعد أربع سنوات من الصراع الدامي والإرهاب الممنهج بحق سورية الوطن والشعب، وبعد أربع سنوات موازية من ضياع البوصلة السياسية والفكرية للمعارضة وانحرافها، وبعد أربع سنوات ثالثة موازية أيضاً من القتل والتخريب والتدمير.. ينحو بعض رموز المعارضة السورية وشخوصها نحو استدراك بعض «النواقص البسيطة» بين ضرورات وبديهيات ممارسة المعارضة السياسية، وأقصد هنا البنيات التحتية الفكرية والإيديولوجية لما ينبغي أن تكون عليه المعارضات، وكذلك الفكر السياسي وبرامجه المرحلية والاستراتيجية التي ينبغي لأي معارضة سياسية أن تصوغه أولاً، وكذلك أيضاً العمق التحليلي التاريخي لما كانت عليه سورية ولما ينبغي أن تكون عليه وفقاً للتصورات المعارضة وغير ذلك كثير.‏

صحوة هذه الرموز والشخوص جاءت متأخرة كثيراً، وقد يكون القول بالمجيء المتأخر أفضل من عدم المجيء أبداً، غير أن هذه الصحوة حدثت بما هو أسوأ من السكرة أو الغفوة، وذلك المجيء حصل إلى ما هو أشد فساداً من التأخر.. إذ ما معنى أن تتحول من إرهابي عنيف إلى لص غبي ومثقف مزيف؟‏

حقاً «الصيف ضيعت اللبن».. وإلا فكيف نفسر تلك الصنمية التي تتعاطاها أطياف المعارضة السورية مع أي مبادرة أو دعوة للحوار، وكيف لرموزها وشخوصها أن تكتب نصاً صغيراً يكتشف أي قارىء له أن ثمة عبوة ناسفة من التناقض أو التلفيق أو الترقيع في كل سطر من سطوره؟‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 خالد الأشهب
خالد الأشهب

القراءات: 2200
القراءات: 2101
القراءات: 2523
القراءات: 2479
القراءات: 2255
القراءات: 2622
القراءات: 2567
القراءات: 2504
القراءات: 2273
القراءات: 2596
القراءات: 2808
القراءات: 2700
القراءات: 2402
القراءات: 2861
القراءات: 2929
القراءات: 3011
القراءات: 2793
القراءات: 3170
القراءات: 3120
القراءات: 3226
القراءات: 2623
القراءات: 3093
القراءات: 3578
القراءات: 3341
القراءات: 3398

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية