وحتى لا يقال هؤلاء أهل الوغى وأولئك أهل الغوى, وشتان بين الوغى, وحيث رقصة الفايكنغ في البحر الأبيض المتوسط, والغوى, حيث الدعوات الرتيبة والاجتماعات الرتيبة التي إما تتبعثر في الأروقة, إن وصلت إلى الأروقة, أو توضع بتصرف السيد النسيان..
وحتى لا يتحدث برنارد لويس عن (الفراغ المقدس) الذي لا يجعلنا نتآكل استراتيجياً فيحدث كل شيء فوق رؤوسنا ونحن في الغوى إياه (الغوى الديبلوماسي أو الغوى الإعلامي) ودون أن ندري أنه, بين الحين والآخر, يخترع الإسرائيليون الحدث لنقع فيه فنستغيث أو ننتشي, فيما السياق الاستراتيجي, وحيث تقويض الأرض وتقويض القضية ماض على قدم وساق..
نحن المفتونون بالصراخ الدولي, أو بالكوميديا الدولية والتي تدار في نهاية المطاف بعصا القيصر (أو بصولجان القيصر), لم ندرك حتى الآن- والخوف من ألا ندرك أبداً- أننا في مأزق, على المستوى البنيوي كما على المستوى الديناميكي إن في التعاطي مع الذات أو في التعاطي مع الآخر, أجل مع الذات؟ ماذا ينقصنا ليكون لنا مكان, ومكانة, في هذا العالم, إلا إذا أردنا الذهاب مع لويس إياه في أننا نعيش (مظاهر الانقراض).
طريف جداً حين نتحدث عن (المأزق الإسرائيلي), كما لو أن المأزق (والرجاء العودة إلى زئيف جابوتنسكي) لا يشكل حاجة عضوية بعدما كان اسحق دوتشر (صاحب اليهودي واللا يهودي) قد كتب عن (جدلية المأزق) هذه فلسفة, أو تقنية, التعاطي مع الحياة, ومع الآخر إذا كان ثمة من اعتراف بأن في وسع الآخر أن يكون جزءاً من الحياة, من ثقافة الحياة...
ديزموند توتو الذي يقف إلى جانبنا حذر من (ذلك القداس الأسود الطويل) في نهجهم الإيديولوجي والاستراتيجي, ماذا عنا نحن؟ يتبعثر الجواب...
بمنأى عن البعد الأخلاقي, والفلسفي, للمشهد, ثمة فارق بين أن يكون المأزق ضرورة بقاء وأن يكون المأزق ضرورة فناء, وجهان لجدلية المأزق..