ولهذا فإن من إيجابياتها أنها أعادت قراءة الذات لتعصف أفكارنا بحقائق كنا ننكرها أو نتحاشاها وتجارب ننقلها من الآخرين ونصدق أنها الحل الأمثل للتنمية المنشودة ونذكر هنا تحديداً فكرة المدن الصناعية العملاقة التي علقنا آمالاً كبيرة عليها وجعلناها تتمركز على محور جنوب -شمال (دمشق- حمص- حلب) الذي كان المفكرون والمحللون الاقتصاديين يحذرون من استمرار الاعتماد عليه بعد ما بناه المستعمر العثماني وبعده الفرنسي لربط خطوط إمداده .
كما أن المخططين الذين ربطوا بين النمو السكاني المرتفع والنمو الاقتصادي البطيء وجدوا أن الحل الوحيد لمنع هذا الخلل خصوصا في الكثافة السكانية المرتفعة والتي تشكل ضغطاً كبيراً على الموارد الطبيعية هو بالتخطيط الاقليمي المتوازن الذي ينمي جميع المناطق بلا استثناء حسب طبيعتها وتوصيفها وبيئتها دون أن يتركها على محور واحد فقط .
واليوم يعترف المخططون وأصحاب القرار في وزارة الصناعة نفسها أو في هيئة التخطيط أو غيرها أن الأزمة الراهنة كشفت العديد من الثغرات والتي كانت موجودة خلال المرحلة الماضية ومنها توزع الصناعات بشكل غير متوازن بين المناطق والمحافظات ما أعاق خلق تنمية متوازنة وشاملة ومستدامة ..
والسؤال : أين كانت هذه الجهات وغيرها في السنوات الماضية على افتراض أنها تعمل بعقلية العمل المؤسساتي لا بعقلية ارتجالية لشخص الوزير أو المدير دون الرجوع لأحد ..
والسؤال الآخر : هل سعت هذه الجهات إلى معالجة التشوهات الحاصلة عبر وضع خطط في مسألة الرؤية المكانية للتنمية الصناعية والاستفادة من الميزة النسبية لكل محافظة على حدة وتشجيعها ودفعها ودعمها للوصول إلى ميزات مطلقة .. وإذا كان الجواب بالإيجاب فمتى تعلن وزارة الصناعة أو هيئة التخطيط عن ولادة خارطة التنمية الصناعية التي سمعنا عنها كثيراً ولم نرَها بعد .؟.ونأمل ألاَّ يمحي النهار كلام الليل ..!
kassem58@gmail.com