| فأين الإرادة الإنسانية? قضايا الثورة وفي الأمس القريب, بل والقريب جداً, وبعد أن عصف الإعصار (كاترينا) ببعض ولايات أميركية فجعلها في حال الكارثة, مدمرة منهوبة, وقد عجزت القوة الأميركية الجبارة, وكذلك قوى الطوارئ والإنقاذ عن التخفيف من هول ما تركه الإعصار, ظهر حديث آخر ومن الجهة الأخرى للعالم يقول: إن (كاترينا) كان إرادة سماوية أيضاً وبمنزلة الانتقام, وإن ما خلفه الإعصار كان نتيجة لدعاءات بن لادن والزرقاوي, ومن خلفهما الأرامل واليتامى في أفغانستان والعراق, وربما مناطق أخرى من العالم. أليس ثمة مفارقة بين الحدثين والحديثين? بين الفسطاطين على حد تعبير بن لادن, أو بين المحورين وفق تعبير الرئيس بوش, ثمة فسطاط أو محور ثالث وسط, مسالم ومغلوب على أمره, لا يدعي ما يدعيه هؤلاء أو أولئك, ينشد الخير والسلام والأمن والاستقرار بإرادة انسانية أولاً وتحقيقاً لمشيئة السماء الحقيقية ثانياً, لكنه متهم من فسطاط بن لادن بأنه متردد ومن محور بوش بأنه متردد وعاجز أيضاً. إرادة السماء بريئة مما عمله الأميركيون بإرادتهم في افغانستان والعراق من تدمير وقتل واحتلال. وهي بريئة أيضاً من تلك الدعوات والدعاءات التي أشعلت الاعصار (كاترينا)ومما جاء به على بشر أميركا من قتل وتدمير وإغراق كأنه اليوم الأخير. وبريئة مما يصنعه الشر والارهاب في أي مكان من العالم ولو في أميركا. غير ان العبرة والدرس يقولان: انظروا الى الذي يعمله التطرف في العالم والى ما يفعله المتطرفون الذين صادروا ارادة السماء واستحوذوا عليها كما لو انها قطعة سلاح او صندوق مال, فجعلوا من انفسهم أوصياء عليها وورثة لها. انظروا الى ما فعله الارهاب في لندن ومدريد وشرم الشيخ وغيرها, والى ما فعله الارهاب المقابل في العراق ولبنان وغيره, والى ما يحاول دسَّه من أصابع فتنة وتخريب..
|
|