على كل حال نحن الذين دافعنا عن واقعهم أشهراً وسنوات, وهم الذين عانوا ما عانوه, وكابدوا ما كابدوه, على استعداد كبير لتجاوز ما حصل, وعلى الرغم من التطنيش الحكومي لسنوات عديدة عن هذا الواقع المؤلم, وكأن الأمر لا يعني أحداً في هذه الدولة, فلا الشركة شركتها, ولا المؤسسة مؤسستها ولا العاملون عاملون فيها!
بكل الأحوال الاستعداد لذلك التجاوز حقيقي بالفعل, أمام ذلك القرار الإنساني الكبير, والاقتصادي الكبير, والقانوني الكبير أيضاً, الذي يسجل قراراً جريئاً بمختلف الأبعاد للسيد رئيس مجلس الوزراء, المهندس محمد ناجي عطري, بتكليفه للسيد وزير المالية - رسمياً - بدفع الرواتب المتأخرة لمؤسسة الإسكان وشركة البناء.
وأحب هنا أن أنقل للسيد رئيس مجلس الوزراء - عبر هذه الزاوية - الشكر الكبير والامتنان الأكبر من العاملين, الذين سوف تحل بذلك مشكلاتهم التي كانت حتى اليوم معقدة ومغلقة لا تعرف الحلول إليها طريقاً, وليت السيد رئيس مجلس الوزراء يتاح له المجال للاطلاع عن قرب على مشاعر العاملين في هذه اللحظات, لكان قد ارتاح كثيراً, ولكان قد ضحك كثيراً, حيث فتح ذلك القرار الجريء, الباب للمزيد من الدعابات, منها مثلاً إن أحد العاملين قال وهو يضحك: ما الذي سنفعله بكل هذه الأموال ياشباب? فرد عليه الآخر: سوف نتزوج على نسواننا, ,نقضي شهور العسل هنا وهناك.. فتغمر الأماكن الضحكات بأجواء مفعمة بالسعادة, وبعد أن تهدأ عواصف الضحك.. تعترض الأخوات العاملات - بجو مازح - على هذا البطر, وتقول واحدة: (يا مأمّن الرجال, مأمّن المي بالغربال).. وتضيف الأخرى: كان على الحكومة أن تبقي عليكم متسولين, وتقول ثالثة: ياشباب.. ما حدا أحسن من حدا.. وكل هذا ضمن أجواء رائعة من السعادة والفرح.
فالشكر كل الشكر للسيد رئيس مجلس الوزراء على هذه البادرة الطيبة وعلى هذا القرار الرائع, والذي على الرغم من كونه يشكل حلاً إسعافياً, إلا أنه نظر وبوضوح, إلى إيجاد حل دائم للواقع المتعثر لهاتين الجهتين - الإسكان العسكرية, والبناء - ويمكن استنتاج ذلك من خلال ما تناوله ذلك الاجتماع الذي خصص في مجلس الوزراء لمناقشة وضع الجهتين, فقد تم بحث واقع العمل, ومستلزماته, والأوضاع الراهنة للجهتين ومشروعاتهما.
ما نرجوه أن يكون هذا البحث قد تطرق بعمق - هذه المرة - إلى معالجة الأسباب التي أدت للوصول إلى ذلك الواقع الصعب الذي كان, والذي لا يزال مستمراً أيضاً, لأن أسباب الأزمة - إن لم تُعالج - فنكون كأننا لم نفعل شيئاً, لأنها سوف تعود بعد حين, لتتفاقم من جديد.
ففائض العمالة لم يحل, والتوازن السعري لم يحل, وتخصيص المشروعات للشركات الإنشائية من خطط الدولة لا يزال مرتبكاً, ورؤوس الأموال المخصصة ضمن القوانين لم تقم الدولة بتسديدها للشركات بعد..!
إن أردنا حلاً شاملاً ودائماً للشركات الإنشائية, كي تعود وتنطلق من جديد وإن أردنا الاحتفاظ بأهمية القرار الجريء بتسديد الرواتب المتأخرة, وعدم العبث بنتائجه, علينا أن نستهدف الأسباب, وإلا عدنا إلى ما كنا عليه, لنسجل واقعاً أشد وخامة, ولا نعتقد أن أحداً بات يريد ذلك.