تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أقرب للحل

معاً على الطريق
الخميس 9-1-2020
علي نصر الله

أزماتُ المنطقة، والعالم، كثيرة مُتعددة مهما تعددت الأشكال التي تتخذها وتبدو عليها، فهي تكاد تكون واحدة في الجذر، في الأسباب التي تُنتجها وبالممارسات التي تَجعلها تتفاقم وتتعمق، لو قُدِّر لعدة مراكز للدراسات،

مَوضوعية نَزيهة وحيادية، أن تتناول بالبحث هذه الأسباب، فإنها لن تنتهي إلا إلى نتيجة واحدة مُتطابقة لا تُشير بل تؤكد أن أميركا أولاً، إسرائيل ثانياً، والنظام الرأسمالي المُتوحش دائماً، الجذر والسبب بنشوء تلك الأزمات، وبالتعقيدات التي تنطوي عليها.‏

الاحتلال والنهب، الإرهاب والقتل، النزاعات والصراعات، الفقر والتخلف، البيئة والتلوث، إلى آخره من أزمات مالية واقتصادية، فكرية سياسية اجتماعية وحضارية، مُجتمعة تعود بأصل نشوئها للسياسات الأميركية الغربية المُتصهينة القائمة على العربدة والتجاوز على القوانين، فضلاً عن انتهاك المواثيق ونسف منظومة القيم.‏

ما الذي تفعله الولايات المتحدة في أربع جهات الأرض غير ما تَقَدّم؟ إذ لا تُقيم وزناً لمبدأ أو قانون أو شُرعة دولية، لا تُحرك ساستها وإداراتها سوى أطماعها، لا غاية لها إلا الهيمنة والنهب والشطب والمُصادرة، سلاحها وأداتها التلفيق والفبركة والادعاءات الكاذبة، إشعالُ الفتن وتأجيج الصراعات وشن الحروب والاعتداءات طرائقها، حماية الصهيونية في قائمة أولوياتها ومحاولة تحقيق الأحلام التلمودية المَزعومة، والمصالح الامبريالية الحقيرة، هدفها الأول والأخير.‏

أزماتُ منطقتنا ومُشكلات العالم، هل تتصل إلا بهذا الاختزال السريع لأسبابها؟ هل كانت لتَنشأ أصلاً إلا لأن سياسات الهيمنة الأميركية مَنهج رسمي لا تَحيد عنه إدارة من بعد أخرى؟ وهل كانت لتَزداد تعقيداتها إلا لأن واشنطن المُتصهينة تَكيل بمعايير مزدوجة وتتعاطى مع القضايا المُتماثلة بمعايير مُتعددة؟ ودائماً بما يُوفر الحماية للصهاينة ومُجرمي الحرب في أميركا وإسرائيل والغرب المُلتحق بها ما بقي تابعاً ذليلاً لها؟.‏

هذه هي أميركا، هذه طبيعتها، هي أم الإرهاب وصانع المشكلات والأزمات في الغرب والشرق، في الشمال والجنوب، بالدوافع ذاتها ومن أجل الغايات الثابتة عَينها إذا كانت حماية الكيان الصهيوني الأولى، فإنّ الثانية تَحقيق المصالح والأطماع، ولا يُفسد بالحال التَّبادل بينهما لتتقدم إحداهما على الأخرى!.‏

والحالُ كذلك، فإن المنطقة ستكون أقرب إلى الحل لكل أزماتها ومشكلاتها - وكذلك العالم - بمقدار ما تَقترب من امتلاك إرادة ردع أميركا، بقطع يدها الآثمة ومَنعها عن التدخل بشؤونها، بكسر أذرعها وتحطيم أدواتها، وبكسر أرجلها وإخراجها من كل الساحات والميادين التي تَعبث بها.‏

الأُنموذج الحاضر الماثل الذي ينبغي أن يُحتذى بتسجيل الالتحاق به، هو ما قامت به سورية عبر تاريخها النضالي الطويل وخلال سنوات العدوان الأخيرة عليها، بتصديها البطولي لمُخططات الشر الأميركية وإسقاطها، وبدحرها أدوات العدوان الصهيوأميركي من الدواعش ومُشتقاتهم، وهو أيضاً ما عبَّر عنه الشعب العراقي الشقيق عبر برلمانه بإلغاء الاتفاقية الأمنية وطلب سحب جميع القوات الأميركية المحتلة، وهو ما أقره مؤخراً مجلس الشورى الإيراني باتجاه وجوب الرد القاسي على جريمة اغتيال القائدين المُقاومين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس ورفاقهما، الذي يُجبر المُحتل الأميركي على الخروج ليس فقط من العراق وسورية والمنطقة فحسب، بل من منطقة غرب آسيا.‏

الهدفُ كبير، تَحقيقه ليس مُستحيلاً كما يَتهيأ للبعض، وسيَتعاظم الأمل بجعله واقعاً، ذلك أنّ الرد الإيراني الأول كسرَ هيبة أميركا، أوجعَها وحَشرها في زاوية ضيقة، سلسلةُ الردود القادمة ستُعمق مأزقها، ولأول مرّة ستجد نفسها بلا خيارات إلا تلك المُغلقة على خيار الخروج خضوعاً وتَجنباً لخسائر لا تَحتملها، وإذا تَحملتها فإنها لن تُغيِّر بالنتيجة .. أميركا تَندحر، مُشكلات المنطقة ستكون أقرب إلى الحل بالاندحار الأميركي عنها.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 علي نصر الله
علي نصر الله

القراءات: 11998
القراءات: 1468
القراءات: 1183
القراءات: 1343
القراءات: 1302
القراءات: 1102
القراءات: 1359
القراءات: 1213
القراءات: 1342
القراءات: 1422
القراءات: 1424
القراءات: 1489
القراءات: 1763
القراءات: 1143
القراءات: 1215
القراءات: 1159
القراءات: 1522
القراءات: 1337
القراءات: 1312
القراءات: 1389
القراءات: 1341
القراءات: 1358
القراءات: 1338
القراءات: 1636
القراءات: 1343
القراءات: 1224

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية