مرد الخلاف بين الشريكين في مياه النيل سياسي، فالقاهرة دعمت تاريخيا جماعات مسلحة مناهضة لإثيوبيا،وعليه وجد الراكبون حصان السلطة الإثيوبي مايبيعونه للشعب عداوة لارض الكنانة وتحقيق حلم قومي ابتدعه الراكبون،وتقليص هيمنة المصريين على حوض النيل قد يكون فيه رد الصاع صاعين،ولذلك دأب رئيس الوزراء الإثيوبي الراحل العام الماضي «ميليس زيناوى « طيلة سبعة عشرعاما ،هي فترة حكمه ، على شرح «منافع وعوائد» بناء سد»الألفية» اوالنهضة،اذ سيجعل إثيوبيا بلدا مصدرا للكهرباء ،وبذلك يقتص من مصر ،وتلتف من حوله الجماهير، المقيمة والمغتربة، التي ستجمع نحو أربعة مليارات دولارهي كلفة المشروع . وانّى للخلف «هيليماريام ديسالين»ان يجد من سخاء التاريخ ضعفا كالذي تمر به مصر، لتمريروتنفيذ «المعجزة» التي ستجعل من البلاد جنات عدن تجري من فوقها ومن تحتها انهار الدولارات.
ماالذي قد يحصل في حال أن اللجنة الثلاثية أو الرباعية (المعنيان+ السودان) المعنية بحل المعضلة لم تفلح ،وهو امر جائز ومتوقع، فالأثيوبيون يعتبرون» النهضة» مسألة حياة او موت فيما يعتبره الآخر «خطر وجود» رغم سهام النقد الموجهة إليه في إنفاقه للمياه دون مردود .المشروع ،الذي سينتج 6000 ميغاوات سيقتطع من حصة مصرالسنوية اثني عشر مليار م 3 ،وسيوقف مشاريع استصلاح الأراضي التي تحتاجها مصر لسد فجوتها الغذائية البالغة 60% حاليا،ويوقف معها الكثير الكثير من حاضر ومستقبل مصر؟ أليست مصر عند المؤرخ اليوناني هيرودوت: هبة النيل.
الخلاصة.العبرة.الدرس، أن القاهرة أحجمت عن الاستثمار في وعاء فارغ، في الوقت الذي أقدم فيه آخرون على تعبئة ذلك الوعاء، وهنا المّح إلى دول أخرى تدعم إثيوبيا في مشروعها، فمصرلم تستثمر في تزويق صفحتها أمام الإثيوبيين ، كما لم تستثمر في «خطوط الإمداد» هي باختصارلم تفتش في يومها عما يخبؤه لها الغدُ.