| الذاكرة.. من أجل سوريتنا خَطٌ على الورق قبيلة.. عشيرة.. كاهن.. مفتٍ.. طائفة.. اقليم.. أو طقس ما، منه نعبر إلى الوطن. وبين شاعر يشدو على الربابة و آخر يمدح بالخطب الرنانة و الوطن المفترض.. و ثالث يقذفه بأقذع الشتائم باحثاً عن بديل، ولاسيما بديل يوفر المال، ضاع أو يكاد الوطن.. هل ثمة ما يوجع في الدنيا أكثر من أن يسخا مثقف فيتبرع بالجولان لإسرائيل ؟! و يا ليته تبرع بحصته من الجولان بل وهب الجولان برمته.. هل ثمة ما يرعب أكثر من سوري ينشد الخلاص بواسطة اسرائيل أو لديها ؟! هذا خرق في الفكر و العقل و الانتماء و الذاكرة. في الزمن الذي نعيشه إذ سورية شمعة في مهب الريح.. يسترخصها أبناؤها.. و المخلص منهم من يصبر عليها و قد أوفى بذمته تجاهها.. لديه ما يكفي لمواجهة الحياة و أولاده «دبرهم» في الخارج.. و العدد الكبير.. الأكبر لا يدري من أين المفر ؟ إذ تواجهه الدنيا بكل ما لديها من أرزاء.. في هذا الزمن حيث الوطن السوري لقية تتقاسمها الاطماع، و فريسة تسنّ من حوله أنياب الذئاب.. و جميعهم يشارك في النهب والتخريب و الدمار.. في هذا الزمن و تحت ظل هذه الظروف.. يحتاج الوطن - لعله أكثر ما يحتاج - لذاكرة المخلصين من أبنائه، توثق كل شيء.. كل حجر.. كل كائن.. كل موقع.. كل شبر تراب.. كل آبدة أثرية.. فالوطن لا يواجه مؤامرة و حسب.. بل في عقول العديد من أبنائه تعيش أكثر من مؤامرة. فلنحم الوطن بالعقل و الذاكرة.. وليس بيننا من هو غير معنيٍ. كل يدون ما تحفظه الذاكرة عن حدود الوطن، ضمناً الأجزاء المحتلة منه «الجولان و لواء اسكندرون و معه ما تتوعده الأنياب التركية» وغير ذلك من مساحاتٍ سورية نعتبرها أمانة أو وديعة لدى الأشقاء ولامجال لذكرها اليوم ولاسيما أنها أبسط الجراح الوطنية.. و ليخزن كلٌ منا معلومة عن كل أثر أو موقع سوري كما كان قبل وقوع الجريمة.. النيات أكثر من سيئة و سنحتاج إلى المعلومة الموثقة يوماً و الشهادة الواضحة. و الحكاية أكبر بكثير من المسروقات من معامل حلب و من محطات الإدارة المائية و الكهربائية و النفطية و غيرها... لسنا الدولة الوحيدة أو الشعب الوحيد الذي تعرض للمحنة.. لكن المحنة أن ننسى شيئاً مما ذخر به وطننا الصغير بحجم القلب.. الكبير بحجم العالم. مئة عام لم تنس الصينيين هونغ كونغ.. ولا شبراً من الأراضي الصينية.. و لم تنفع مع حتمية استعادتها كل التهريجات البريطانية المسنودة استعمارياً.. أكثر من نصف قرن على هزيمة الألمان و تقسيم بلادهم بالأسوار و الأفكار و الاتجاهات.. و الآلام التي خلفتها الحرب وملايينهم المقتولة.. لم ينسوا فاستعادوا وحدتهم و مستقبل امتهم. نعم كان ذلك بفعل الذاكرة.. ذاكرة التوثيق.. و ذاكرة أبناء الشعب التي لا تموت.. و أخطر ما يواجه فلسطين و الفلسطينيين هو تراجع الذاكرة الشعبية. يجب ألا ننسى.. يجب أن نتذكر. as. abboud@gmail.com
|
|