تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


يا ساتر.. فيلد

بيروت
معاً على الطريق
الأربعاء 30/3/2005م
غسان الشامي

كان السفير يقيس الطريق البحرية من مقر السفارة العظمى في عوكر, الى بيروت الغربية, عندما قسمّت الطوائف التي تعضُّ بعضها البلد الى شرقية وغربية, عبر سيارات أمريكية ضخمة, مشرئبة الأنتينات, زجاجها أسود بلون المحبة الأمريكية المستوردة خصيصاً للشرق الأدنى, وبصفّاراتها الناعقة التي تتكفل بإبعاد المواطنين الغادين الى عملهم أو العائدين منه, وربما امتدت الأسلحة الخفيفة من نوافذ تلك العربات المصفحة, أو أن رشاشاً يعانق الهواء البحري الطلق انتصب على سطح إحداها, أو أن مرافقاً حليق الشعر يضع على عينيه نظارتين قمريتين في عزّ كانون يصرخ أن ابتعدوا عن درب السفير.

السيد ديفيد ساترفيلد, المتطاول الوجه, الذي تجهد كي تستكنه ملامحه من تحت نظارتيه العريضتين وغرّته المدندلة التي لا تحيد عن مفرق في الرأس مضبوط الإيقاع مثل مهمته في لبنان, لم يستطع نسيان البلد بعد أن استدعي ليصبح نائباً لمساعد وزير الخارجية الأمريكي (صارت وزيرة) بعد تحرير الجنوب, فجاء بعد اغتيال الرئيس الحريري, ثم طرأ طارئ جعل السفير الأصيل جيفري فيلتمان يغادر ليقف قرب زوجته, ولكي لا يفرغ لبنان من الرائحة الأمريكية النفّاذة عاد ساتر فيلد ثانية كي يضع لمساته على تطورات الوضع, ومن المطار ركب إحدى السيارات, إياها, مستعيداً أجواء أحبها, ومن داخل الزجاج المعتم بدأ بترتيب مواعيده.‏

تاريخ لبنان الحديث محشو بالقناصل, يتدخلون بكل شيء, نجوم في السهرات الاجتماعية, وحالياً على الشاشات, وطبعاً سادة في اللقاءات المعتمة, لكن هذه المرّة يبدو التنافس الفرنسي - الأمريكي على أشدّه, وكأن التنسيق محصور بالقرار 1559 ومستلزماته, أما على الأرض فكل سفير ينفخ في قربته.‏

وما إن حلَّ المندوب السامي الأمريكاني في ربوع الأرز حتى فقع تصريحاً من بكركي يشطب فيه, ديمقراطياً, أكثر من مليون ونصف لبناني, طالباً منهم عدم التدخل في شؤون بلادهم.‏

هي قحّة مشهودة, ولم يعد بالإمكان لملمة الوقاحة وقلّة الحياء عن طرقات بيروت والمناطق, مما استدعى من بعض الذين ساءهم هذا السفور المتغطرس الى الطلب من السفير, أن يرّوقها ويلبس برقع الديبلوماسية من جديد.‏

لكن ساتر فيلد لا يزال يتصرف مثل بول بريمر, رغم أن المارينز لا يزالون في عرض البحر, مع العلم أن اسمه كان متداولاً ليحل بدل السفير جون نيغروبونتي في العراق, لكن يبدو أن عرق التمر لا يعجب السفير فقد أُولع بالكبّة النية والكشك بقاورما فاستطاب العيش في لبنان.‏

لا تصدقوا ذلك فمعدة الرجل ليست (قطّيعة) لهذه الدرجة, لكن معدته السياسية.. يا ساتر.. فيلد.‏

صحفي لبناني *‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 غسان الشامي
غسان الشامي

القراءات: 1676
القراءات: 1478
القراءات: 1629
القراءات: 1386
القراءات: 1365
القراءات: 1323
القراءات: 1474
القراءات: 1692
القراءات: 1707
القراءات: 2105
القراءات: 1465
القراءات: 2211
القراءات: 1331
القراءات: 1364
القراءات: 1611
القراءات: 1610
القراءات: 1421
القراءات: 1507
القراءات: 1403
القراءات: 1923
القراءات: 1489
القراءات: 1363
القراءات: 1565
القراءات: 1563
القراءات: 1341

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية