وخلافاً لما كنت أخشاه من تراجع بعد انتهاء تلك السنوية المقدسة فإنه تزايداً في العروض المقدمة من العديد من الدول الأوروبية بدأ ينهال على الشركات والمكاتب السياحية للاتفاق على تنظيم استقدام أفواج ومجموعات سياحية منتظمة، ودخلت ألمانيا كإحدى أهم الدول الراغبة في تنظيم تلك الرحلات، وهنا يبدو واضحاً أن السياسة الترويجية التي اتبعتها وزارة السياحة أتت أكلها خلال فترة قصيرة في إظهار سورية كمقصد سياحي لجوارها الجغرافي في القارة العجوز، وبالفعل فقد نشرت إحدى المجلات الألمانية المتخصصة في ميدان السياحة «سيتي ماغازين» استطلاعاً في شباط الماضي أظهر أن سورية هي المقصد السياحي الأول بالنسبة للألمان نظراً لما تتمتع به من مزايا تتوزع ما بين الأمان الكبير والتعايش والتآخي الفريدين وبين ما تحتويه من مواقع تاريخية وما تضمه من أماكن خدمية كالمطاعم والمقاهي والبيوت الدمشقية والحلبية القديمة التي تم تحويلها الى فنادق ونزل تتوافق والوجود الحضاري والتاريخي لأقدم عاصمة مأهولة في التاريخ الإنساني.
ولكن هل نحن مستعدون لاستقبال المزيد من السائحين خلال السنوات القادمة؟.
سؤال مشروع يحمل الكثير من المخاوف لأي مهتم بالشؤون التنموية والاقتصادية لبلدنا الذي يعيش مخاضات في تحديد وتلمس أفضل السبل للارتقاء بالاقتصاد وبحيث ينعكس رغداً وثراءً على مواطنينا بصورة مباشرة.
والواقع لا يحمل كثيراً من عناصر التفاؤل، فهناك محدودية في عدد الأسرة، ونقص في الناقل الجوي الوطني، وتذبذب في نوعية الخدمات المقدمة للسائح، وخاصة في المطاعم وما تقدمه من وجبات أدهشت الزائرين، وتركت لديهم انطباعات بأنها من أفضل ما يمكن أن يثير اهتمام السائح.
وهنا تبدو صعوبة مواجهة تلك الاستحقاقات القادمة الأمر الذي يستدعي تحركاً سريعاً ومتزايداً لضرورة تأمين الاحتياجات اللازمة والتي تساعد على استمرار الحالة الموعودة. وباعتقادي أنه يمكن البدء في تأهيل بعض الفنادق من ذوات النجمتين والنجوم الثلاث، وخاصة المتمركزة في وسط العاصمة، وملاحقة مالكيها ومستثمريها بحيث تغدو مماثلة لنظيراتها، وتخرج من استخداماتها المشبوهة، فيما يتم التركيز على المشروعات التي تحتاج زمناً أطول..