تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


خَطٌ على الورق... كانت دمشق مدينة جميلة «8»

ثقافة
الثلاثاء 29-10-2013
أسعد عبود

لابد من العودة إلى دمشق. ليس لأن الشتاء قد يحاصر قريتنا ويدخلها نفق البرد و الدخان و العواصف و ربما الثلوج، بل لأنه لابد من دمشق.

هجم الشتاء في بدايات هذا الشهر فارتعدت المفاصل. وقبل قدوم عيد الأضحى عاد الخريف مبتسماً بشمس ساطعة، وأفق نقي، يترك لنا فرصة لرؤية السواحل و الجبال من الأقرع إلى عكار. تقول الأسطورة: إن الأقرع الذي في شمالنا - و هو لنا تغتصبه تركيا – لم يستطع إيقاف سفينة نوح أيام الطوفان الكبير، فدعا عليه نوح بسواد الوجه. و مضت السفينة تبحث عن مصيرها حتى عكار فأوقفها، فدعا له نوح ببياض الوجه، لذلك تسكن قممه الثلوج لفترات طويلة كل عام استمرت تقصر وتتراجع «هذه الفترات البيضاء» إلى يومنا هذا حيث بات زمانها قصيراً نسبياً.‏

أيام العيد بكاملها، خلا يوماً واحداً و بعض اليوم، كان الطقس جميلاً دافئاً قدم فرصة للناس و خاصة الأطفال لاحتفالات عيد دافئ.... لكن... يبدو أن الدفء لا يتعايش مع صقيع القلوب و الأرواح، التي تعيش في عصور الظلمات. فانتشرت سيارات التفخيخ، و أعمال الانتحار تزرع الموت والرعب في كل مكان، وسقطت دعوة موفد الأمم المتحدة إلى سورية «الأخضر الإبراهيمي» الذي هو في زيارتنا اليوم، و نتمنى أن لا تسقط كل مهماته كما حصل في هدنة عيد الأضحى. يبدو الرجل صاحب همة أقل بكثير من المهمة ؟!‏

أخبار دمشق غير مريحة عموماً فالمدينة التي تضطر لإغلاق العديد من شوارعها و إقامة الحواجز على كل زاوية و منحنٍ، في محاولة لمنع سيارات الجريمة الانتحارية و مجرميها من المرور... صغرت، و رغم نزوح العديد من سكانها - منهم أنا إلى حد ما – و رغم وصول سعر البنزين إلى مئة ليرة للتر الواحد مما يفترض تراجع حركة السيارات الصغيرة، تشهد ازدحاماً نادراً ما عرفته حسب الوصف. و تتساقط عليها قذائف الهاون أكثر مما كان طيلة أيام الحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاثين شهراً. هي رسائل يعبر بها أصحابها عن شدة حقدهم و احتقارهم للحياة البشرية. يطلقون قذائفهم إلى حيث تصل و لتقتل من تقتل.... طفل امرأة شيخ عاجز...لا يهمهم منها إلا الارهاب و استحالة الحياة في المدينة لتعلن الدولة عجزها و فشلها !!! و ما لا نستنتجه نحن يعلنونه هم. ففي آخر بيان لفصائلهم أنهم يتمنعون عن حضور مؤتمر جنيف 2 المزمع عقده لقراءة الحالة السورية في محاولة للبحث عن مخرج. وبالتالي رسائلهم المكتوبة بالدم و الموت، و ما يعلنونه صراحة، يقول بمنتهى الوضوح: لابد من قتالهم حتى النهاية، رغم كثرة التصريحات التي تظهر شبه اتفاق أن لا حسم عسكرياً للحرب الدائرة.‏

حتى لو أتفق العقل مع صعوبات الحسم العسكري التي قد تبلغ فعلاً مستوى الاستحالة، لا يتفق مع سحر سيقدمه جنيف2 ؟!. فما زال للإرهاب من يدعمه و بشدة، تمويلاً واعلاماً وتسليحاً، و بينهم من هم من أعمدة جنيف 2، وقبله جنيف 1 وبالتالي: إن كان جنيف 2 أو التوجه الراهن له، قد أشعل فعلاً شمعة في نهاية النفق، فما زال ضوؤها خافتاً. كما أن للشمعة و ضوؤها أسباباً عسكرية تتمثل في تقدم الوضع العسكري للجيش العربي السوري على أرض المعركة.‏

لكن رغم ذلك كله و رغم غيره وما يمكن أن يكون لا بد من دمشق المدينة الجميلة.... كانت و ستبقى.‏

as.abboud@gmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 أسعد عبود
أسعد عبود

القراءات: 577
القراءات: 889
القراءات: 869
القراءات: 839
القراءات: 884
القراءات: 927
القراءات: 935
القراءات: 916
القراءات: 1002
القراءات: 1007
القراءات: 960
القراءات: 999
القراءات: 972
القراءات: 1006
القراءات: 1248
القراءات: 1146
القراءات: 1064
القراءات: 1079
القراءات: 1142
القراءات: 1133
القراءات: 1147
القراءات: 1167
القراءات: 1159
القراءات: 1213
القراءات: 1208

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية