وبالوما أوضح أن ذاك الفجر رهنٌ بعودته «م» إلى الوطن الممزق المتهالك المنهار بعد أن يكون حصل ما حصل.
استخدم صديقي التحليل العلمي.. لكنه وصل إلى النبوءة بشكل تلفيقي، حيث مقدماته لاتوصل للنتائج.. ووقّع.. ليعطي كل الحقائق مضمونها وموضوعيتها من توقيعه على رسالته التي لا تقول:
لم أعد منكم ولست بينكم؟! لكنها كتبت من هناك..
ولم تقل:
لم أعد ذاك الأستاذ في التاريخ والجغرافيا والعلوم والماركسية، أنا اليوم الكاتب الشارح المنظر لكن.. على جبهة أخرى.. جبهة ما بعدكم!! يعنينا نحن الذين بقينا في هذا الوطن.. وأينما كان اصطفافنا.
لذلك..
فلتهدم بيوتنا على رؤوسنا، وليسلم هو وأمواله وما طرأ على حياته من نعم لم تكن في حساباته أيام النضال..
هل من محكمة تنظر في هذه القضية..؟!
هل من محكمة نستطيع أن نرفع إلى مقامها العالي دعوى تطالب الذين سرقونا وهجّوا بأموالنا.. والذين ارتزقوا عندنا وهشلوا بما ارتزقوه، بأن يكفوا عن نعينا ونحن في الحياة.. أن يتوقفوا عن تخويفنا؟! نحن أيضاً هنا عندنا رزق ومال وأولاد.. وعندنا وطن نخاف عليه أكثر مما نخاف على حريتنا ومعها الديموقراطية.. ولاسيما عندما تصلنا الرسائل من أساتذة أقنعونا يوماً بحلم ديكتاتورية... «البروليتاريا».
ماموقف القضاء من أستاذ علّم طلابه سنوات طويلة حرية العقل، ونقد الفكر الديني، كمقدمة لنعيه، يبشرنا اليوم بعدالة الأنظمة الدينية والطائفية..؟!
أستاذنا الفاضل.. نحن صدقناك في المرة الأولى.. وتبعناك.. وانتظرنا أن تصح توقعاتك بتراجع المد الديني.. وطالما أنك تقلب النظرية الآن وتتركنا على قارعة الفكر، كيف نصدقك اليوم..؟!
ماموقف القضاء.. بل ماموقف الأخلاق.. ذلك أن حياتنا لم يتعهد حل مشكلاتها عموماً القضاء.. فنستنجد بالأخلاق.. بالصدق.. بالثقافة.
ماموقف الأخلاق من تلك الأصوات، من منظّر ماركسي شبه فقير تحول إلى منظر رأسمالي شبه «زنكيل».. ولاسيما عندما يتلمظ اللقمة أمامنا وكأنه يقسم أننا سنبقى من بعده جياعاً.
أنذر جبران خليل جبران الأمم من عواقب أن تأكل مما لا تزرع.. أن تلبس مما لا تصنع.. أن تكثر فيها الطائفية... الخ.. لكن نبي جبران نسي أن ينذر أمة كثر من أبنائها من يستطيعون العيش خارج أوطانهم..
من يملكون بيتاً في الوطن وآخر أو أكثر خارجه.. ترتادهم أرواح شريرة فيتمردون على الخوف من أن تنهدم البيوت والأفكار والثقافة و.. الأوطان.. على رؤوس ساكنيها..؟!
لأن لهم وطناً آخر..
كذب من قال: إن تلك الأصوات المنذرة المتجبرة الحاقدة، جاءت من خارج الوطن، لأن الوطن لم يستوعبها.
as.abboud@gmail.com