المسألة بلغت حدا لا يمكن السكوت عنه أو استمرار التراخي في مواجهته بعد أن برزت مجموعة من ضعاف النفوس قدمت مصالحها على كل المصالح وتقدمت لتحتل موقعا متقدما في قائمة صناعة الأزمات من خلال اقتناص الفرص لتكشف عن أنيابها في مشهد من التحدي السافر لكل خطوة رادعة بحقهم وحق داعميهم.
فبينما كانت يد الإرهاب القذرة تضرب أنابيب النفط والمازوت في مناطق مختلفة وتخرب السكك الحديدية لمنع وصول المادة بالقطارات وتقصف الصهاريج بين المحافظات وتسرق بعضها، انطلقت مجموعات الفاسدين تضيق الخناق على رقاب الناس وتستغل حاجتهم للمادة ، فلم تكتف ببث الشائعات وتضخيم ما يجري بل ابتكرت أساليب جديدة للضغط والاحتيال بالتواطؤ مع أمثالهم من بعض أصحاب المحطات والعاملين في مجال التوزيع ونقل المادة داخل فروع محروقات وخارجها بهدف التحكم بوصول المادة لمن يقدر فقط على دفع فواتيرهم العالية بعد أن ضاعفت السعر عدة مرات كمقدمات لما نجهل حدوثه في المستقبل .
وزادوا على ذلك أن استأجروا أشخاصا شكلوا صفوفا طويلة عند المحطات منعت غيرهم من محاولة الانتظار لساعات أمام المحطة للفوز بمقدار صفيحة من المازوت، في وقت كان الأجراء يبيعونها للناس على قارعة الطريق وبسعر وصل 1000 ليرة وزاد في بعض المناطق .
كذلك شهدت بعض المناطق التفافا على آليات التوزيع التي أقرتها الحكومة كحل مؤقت للأزمة من خلال التوزيع للمواطن عبر محروقات وعبر المحطات بتسجيل الأسماء كأحد أشكال الضبط ، وما حصل أن عشرات الطلبات بأسماء وهمية تم تنفيذها ذهبت للبيع بالبيدون البلاستيكي وللسيارات العاملة على المازوت في الطرقات والحارات الضيقة والأسواق السوداء التي ظهرت على هامش الأزمة.
الغريب أن ذلك يجري دون محاسبة لأحد ودون أن نسمع عن إجراءات رادعة سوى في بعض المحافظات في وقت تردد فيه ما يشير إلى عزم الدولة على توسيع البطاقة التموينية لتشمل مادة المازوت بهدف ضمان استمرار الدعم للأسر السورية، لكن ما نخشاه أن تعجز هذه البطاقات عن استيعاب كل الحاجات التي يطلبها المواطن أو أن تتحول هذه البطاقة وطرق منحها إلى باب جديد للفاسدين نفتحه بأيدينا ، فهل هكذا تكون الحلول؟