تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


بين الاتهام والقرينة

الافتتــاحية
الثلاثاء 10-12-2013
بقلم رئيس التحرير: علي قاسم

ربما لم يضف رئيس مجلس الأمن القومي في النواب الأميركي على كفة الحقيقة شيئاً في حديثه عن خطر الإرهابيين، لكنه أضاف إلى كفة السياسية ما يمكن التوقف عنده،

فبغض النظر عن مساحة القناعة بأي تعديل في السلوك الغربي, استناداً إلى ما تعكسه التصريحات الأوروبية والأميركية عن مخاطر المجموعات الإرهابية، ومدى المصداقية التي تنطوي عليها، وإلى أي حد يمكن التعويل على ما يرد فيها، فإنه بات من المحسوم اليوم أن الغرب قطع شوطاً إضافياً في محاكاة هواجسه حيال الإرهاب، حيث يتجاوز الكثير من الظواهر الطافية التي يراد من خلالها صرف الأنظار عن الحقائق المستجدة.‏

وإذا كان من الصعب الحكم على المسألة من بوابة التصريحات، بما في ذلك ما قاله رئيس مجلس الأمن القومي في مجلس النواب الأميركي، فإن المقاربات الغربية عموماً تأخذ منحى يبتعد إلى حد بعيد عن لغة التجاهل والمزايدة في الشعارات السياسية المبنية على الصورة الافتراضية المضللة، خصوصاً أن المخاطر المحدقة بالغرب نتيجة عودة بعض الإرهابيين باتت تحاصر صانع القرار الغربي.‏

وريثما تتشكل رؤية قادرة على الحسم بين النفاق المعتاد في الخطاب الغربي عموماً، وبين معطيات الممارسة على الأرض، مدفوعة بالمخاوف الفعلية من تفشي الإرهاب العابر للحدود، والإرهاب الذي يتحضر لرحلة العودة من حيث أتى ومن البوابات التي قدم منها، وإلى البيئات التي احتضنته أو تلك التي أنتجته بالأساس.. فالواضح أن تقاطع التصريحات الغربية حول هذه المسألة وامتداد مساحات الاعتراف بالخطر الذي يشكله الإرهاب في سورية، يفتح الباب للحديث عن الممولين والمسلحين والحاضنين، ولو بعد حين، غير أن المخاوف الضاغطة على الغرب تملي عليه أن يقرن تحذيره من مخاطر الإرهاب بتحرك عملي، وبالتوازي للضغط على الدول الداعمة للإرهاب من أجل وقف هذا الدعم.‏

وفي حين تتجه تلك المقاربات جميعها نحو التلاقي على زاوية المخاطر التي تتشكل على المجتمعات والدول، فإن المطلوب بات يتجاوز تصريحاً مقتضباً أو مسهباً ويحتاج إلى وضع الكثير من النقاط على الحروف ولا سيما ما يتعلق بالدول الداعمة للإرهاب إقليمياً ودولياً، ولا تبدو أوروبا وأميركا بمعزل عن هذا الأمر حتى لو حاولت التفاصح في مضامين المفردات التي يتداولها ساستها، انطلاقاً من دفع التهمة واجترار الحديث حول الدلائل القائمة على أنها مجرد اتهامات، فيما الوقائع تراكم يوماً بعد يوم القرائن على أنها ليست اتهامات بقدر ما هي وقائع على الأرض.‏

فالمساحة الخادعة التي تفصل بين الاتهام والقرينة ليست بذلك التشابه، ولا تتقاطع في الكثير من مفرداتها، حتى تُحدث ذلك الخلط في موازاة مبالغة في رد كل المؤشرات القائمة إلى خانة الاتهام، واستبعاد كل ما يستدل منه على القرينة الدامغة التي لا تحتاج إلى إثبات.‏

ورغم محاولة الدفاع المستميت لتبييض الصفحة استباقياً من قبل دول إقليمية، ورد كل ما يرد من وقائع إلى بوابة الاتهام، فإن ما يجري على الأرض يتجاوز ذلك ويصل إلى حدود الجزم بالقرائن المتعددة التي تجدد حضورها في التطورات المتلاحقة، بدءاً من اعترافات الإرهابيين أنفسهم وليس انتهاء بمن يظهر منهم بعد أن يسرد إحداثيات رحلته ذهاباً وإياباً، من المطارات إلى البوابات الحدودية، مروراً بمعسكرات التدريب وقوافل التسليح التي تتم بحماية مباشرة من دول وحكومات إقليمية وعربية.‏

المؤكد أن الأمر لا يحتاج إلى كثير من الأدلة، وهو ليس اتهاماً، فالسعودية تدعم الإرهاب بموافقة الغرب فرادى وجماعات، وكما تملك الإدارات الأوروبية والأميركية خرائط ومحاضر جلسات وتسجيلات صوتية لما دار في القاعات المغلقة وأسماء المعسكرات وتاريخ صفقات التسليح، فإن آخرين على الضفة الأخرى أو على الضفة ذاتها، تتوافر لديهم أيضاً نسخ منها وفي بعضها النسخ الأصلية التي تسربت قبل أن تصل إلى دوائرها البعيدة، والأهم أن تجار البيع والشراء فيها يتكاثرون على تخوم الفنادق في العواصم الإقليمية والعربية التي استضافت تلك اللقاءات، ولديها الاستعداد للمبازرة فيها حين تجنح السفينة ليكون الاتهام قرينة.‏

a.ka667@yahoo.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 علي قاسم
علي قاسم

القراءات: 7091
القراءات: 1010
القراءات: 1169
القراءات: 955
القراءات: 955
القراءات: 943
القراءات: 1074
القراءات: 905
القراءات: 844
القراءات: 941
القراءات: 990
القراءات: 875
القراءات: 813
القراءات: 864
القراءات: 1067
القراءات: 947
القراءات: 766
القراءات: 954
القراءات: 975
القراءات: 1036
القراءات: 991
القراءات: 869
القراءات: 1039
القراءات: 948
القراءات: 1079

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية