1- كل من يتذكر يعلم أن مسألة استصلاح الأراضي و مشاريع الري و السدود و ما تعنيه على صعيد الحصاد المائي و الزراعة و الامن الغذائي ورفع سوية المجتمعات .. كانت الحلم الاول الذي استنهض الهمم منذ ستينات و سبعينات القرن الماضي ... من حلم سد الفرات وارواء أكثر من / 640 / الف هكتار, إلى سدود الخابور و إرواء أكثر من / 150 / الف هكتار .. و كان جهداً كبيراً عظيماً و مشاريع ضخمة متتالية .. ثم ..?! .. كان ثمة انكسار في الاحلام و صل درجة أننا لم نعرف كيف نلملم البساط الذي فتحناه على تلك المنطقة لقراءة تراتيل الانشاد للحلم القادم .
إذا قلت ان مشروع استصلاح الاراضي بعجره و بجره كان فاشلاً سيكون في ذلك ظلم للحقيقةو التاريخ .. و إذا قلت ان المليارات التي قبرت في تراب تلك البوادي لم يكن لها مكان أن تعمل و تنتج فيه بشكل أفضل ..أيضاً كان في ذلك افتراء على العلم و الحقيقة .. و ذكريات ما جرى كانت دائماً منغصاً للروح .. لا سيما عندما وصلنا إلى حالة من التوجهات أشعرت الكثيرين بأن مثل هذه المشاريع الضخمة باستثماراتها بعيدة المدى التي تتصدى لها عادة الدولة قد اصبحت فقط ذكريات .
2- المنغص الثاني كانت زيزون وما أدراك ما زيزون .... كان انهياراً في الحلم فاق حتى الانهيار في جسد السد .... كان الوقع الذي أحدث طوفاناً لم يكن أحد يستطيع أن يقف في مواجهته ... واندفع من خلف السد سيلاً من كذب علا هديره هدير المياه المنسابة ? .... الكذب بنوعيه .... الذي كان مخبأ خلف جسم السد .... والذي حوته التحليلات والتقارير والاتهامات والتبليات التي جاءت من أمام جسم السد المنهار .
3- منذ كان الحلم في أوجه .... أيام الفرات الزاهية .... كان صوت خجول يسأل .... ترى أما من مواقع أخرى ومناطق أخرى تستطيع بإنفاق أقل أن تؤتي نتائج أفضل ..?!
لاسيما في المناطق التي عرف أهلوها الزراعة وخبروا طريقة الزراعة المروية والتعامل مع جر المياه .... طبعاً ورغم انخفاض نبرة , الصوت الخجول .... كان ثمة ارتدادات له لا تنسى .... فنشأت مجموعة من مشاريع الري واستصلاح الأراضي في حوران وحوض العاصي والساحل السوري وحلب و غيرها ... وللحدث الانجاز الكبير الذي دشن بالأمس في محيط سد السابع عشر من نيسان في عفرين الخضراء أم الخير والزراعة المعطاء
وللحدث الثاني الذي سيعني رد الاعتبار لزيزون وسدها والمهندس السوري وكفاءته.
للحدثان كبير التأثير لعودة الحيوية الى الروح.
توزيع المياه لإرواء / 14/ الف هيكتار في منطقة عفرين هو حدث اقتصادي اجتماعي لافت في أهميته .... هو شعاع من ضوء وفعل في منطقة تستحق كل التكريم اذ نقرأ بدقة في جهود ابنائها مجسدة في الحقول والبساتين .... الفعل يجيب أكثر بكثير من القول .... وري / 14/ الف هيكتار في منطقة عفرين هو فعل عطاء من الوطن إلى أبناء الوطن .... والحصاد سيكون قريباً .... وسيكون وافراً ..... وسيكون للوطن.... وإعادة بناء زيزون .... فعل يرفض الاستسلام .... ويرفض الرد على النكسة بالخطب والتحليلات والتحقيقات الصحفية .... وغداً إذ يعلو البنيان .... وتترقرق المياه بحيرة جديدة زاهية صلبة الجدران .... سننسى .... لعلنا ننسى تلك النكسة التي كانت قريبة من طلوع الروح التي حصلت يوماً في زيزون .
في يومين اثنين متتاليين , الجمعة والسبت , عطلة نهاية الأسبوع حيث دشن السيد رئيس مجلس الوزراء مشروعا ووضع حجر الاساس لآخر, لعله كان موعداً لنهاية العطالة التي ربما يحاول كثيرون أن يحيطوا بها أرواحنا وها نحن نتنفس من جديد وبعمق .