وتسهم في العودة إلى الشراكة الوطنية والسياسية، فإن الحوار المبني على أسس وطنية وحده الكفيل بصون القضية وحماية الحقوق وقطع الطريق على الأطراف التي لا تريد للمصالحة الفلسطينية أن تتحقق.
وإذا كان الحوار الحالي يعد حالة وطنية متقدمة تضع الانقسام خلفها ووحدة الصف والكلمة هدفاً يعمل العرب والفلسطينيون لتحقيقه، فإنه من المأمول أن يتطور ويتسع ليشمل بقية القوى والفصائل بما يؤسس للمصالحة الشاملة التي لابد أن تؤدي إلى إعادة تشكيل منظمة التحرير وحكومة وحدة وطنية تطلق إشارات ومواقف سياسية مسؤولة تضع حداً لكل من حاول الاستثمار القذر في الانقسام الفلسطيني.
نجح الفلسطينيون في الحوار 2005، ونجحوا بالاتفاق في مكة المكرمة، لكن إسرائيل وإدارة بوش وغيرها نجحوا أيضاً في إجهاض الاتفاق وفي نسف نتائج الحوار، واستثمروا حالة الانقسام للتهرب من السلام واستحقاقاته وللتشكيك دوماً بأن الشريك الفلسطيني لإقامة السلام مع إسرائيل غير متوفر.
استمرار حالة الانقسام- بل وتعميقه- كان هدفاً اسرائيلياً أميركياً مشتركاً لم ينقطع العمل من أجله بالتوازي مع تواصل العمل على الخطوط الأخرى وبوتيرة متسارعة، إذ لم يتوقف العدوان الإسرائيلي.. ولا الاستيطان.. ولا الجدار.. ولا تهويد القدس توقف أيضاًَ، كما لم تتوقف لاءات إسرائيل الثلاث حول القدس والاستيطان وحق العودة.
ومع وصول اليمين الإسرائيلي الأشد تطرفاً إلى السلطة في الكيان الإرهابي يجب أن تدرك جميع القوى والفصائل الفلسطينية أن الوحدة الوطنية هي أقوى ما يمكن أن تتسلح به اليوم لمواجهة المرحلة المقبلة، ويجب أن يتذكروا جميعاً أن إسرائيل ستواصل العمل لمحاولة الاختراق وشق الصف الفلسطيني للإبقاء على ذريعة عدم توفر الشريك والتهرب من السلام.
هذا شمعون بيريز رئيس الكيان يدعو رئيس البرلمان الأوروبي والأوروبيين جميعاً إلى الكف عن إبداء أدنى تفهم لحركة حماس، بينما يجدد رئيس الحكومة المكلف بنيامين نتنياهو القول: إن الفلسطينيين غير جاهزين لتسوية أيديولوجية ذات أبعاد تاريخية -حسب تعبيره- لإنهاء الصراع، ويؤكد أن القدس ستبقى العاصمة الموحدة لإسرائيل التي لن تتحمل أي مسؤولية أخلاقية تجاه اللاجئين.
هذه هي إسرائيل، وهكذا ينبغي قراءتها مجدداً من دون أوهام، فهي ذاهبة باتجاه الحرب والعدوان ومعاداة السلام، وعليه فإن الحوار والمصالحة والوحدة الوطنية الفلسطينية لاتشكل في الواقع سوى الحد الأدنى مما ينبغي تحقيقه والحرص على استمراره وصونه استعداداً لمواجهة الاستحقاقات القادمة على جميع الصعد والجبهات السياسية وغير السياسية.