تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ضو البيت

معاً على الطريق
الجمعة 27-2-2009م
قمر كيلاني

عنوان مستعار من الأديب الراحل الطيب الصالح في روايته(ضوء البيت), وهي ليست الأشهر ولا الأكبر إنما

الأشهر التي أطلقته في عالم الرواية العربية هي(موسم الهجرة إلى الشمال) كما عرفها أهل الجنوب وكما ترجمت لأهل‏

الشمال, وهذه الرواية أي (موسم الهجرة إلى الشمال) علامة فارقة في الرواية العربية العصرية التي شعت في‏

الخمسينيات من القرن الماضي من مركز الإشعاع الثقافي اللبناني آنذاك وقد كان يجمعنا على الإنتاج والترجمة والنشر,‏

وخاصة في مجلة(الآداب) البيروتية.‏

وفي رأيي أن روايات أخرى كانت علامات فارقات وربما حسب تسلسل زمني بالقياس إلى رواية الطيب الصالح الأولى‏

التي ذكرت, من هذه الروايات أعد (صراخ في ليل طويل) لجبرا ابراهيم جبرا, و(ستة أيام) لحليم بركات, و(رجال تحت‏

الشمس) لغسان كنفاني, فما بالنا وهذه الروايات وأخرى غيرها كثير تقرع أجراس النذير أكثر من البشير وهي(ضو‏

البيت) في الأدب العربي ونحن لا نعطيها أهميتها, ونعقد الصلات بينها وبين واقعنا الاجتماعي بل والسياسي؟ وإذ تدور‏

عجلة الزمان نعترف بأن مثل هذه الروايات كانت تجليات للرواية العربية في مراحل تاريخية, والإفادة منها لإضاءة البيت‏

العربي أكثر من الاستمتاع بالإبداع العربي.‏

رحم الله الطيب الصالح.. وقد كنا نجتمع معه في المؤتمرات والندوات على مساحة العالم العربي حتى تفجرت نكسة‏

حزيران فإذا بنا موزعون في كل مكان, ويصبح الطيب الصالح رئيسا لقسم الدراما في الإذاعة البريطانية باللغة العربية‏

فأرسل من إنتاجي الإذاعي مسلسلا دراميا يوافق عليه فورا مع رسالة لطيفة, وأعود لا ألقاه ولا اجتمع به لكنني تذكرته‏

بقوة وبحضور لأعماله الأدبية وأنا في السودان في السبعينيات, وقد سحرتني أسواق أم درمان الضيقة بظلالها العابقة‏

بالتاريخ, ودهشت لمنظر النيلين الأزرق والأبيض, وأنعشت روحي الخضرة الداكنة والمياه الموزعة في العاصمة السودانية‏

الثلاثية فأحببت السودان, وتمنيت لو أعود لفترات أطول مع إحساسي أنها لن تكون الأجمل.‏

وفي الثمانينات وأنا في اللجنة الوطنية لليونيسكو السورية أفاجأ بزيارته لي في مكتبي وقد أصبح مديرا إقليميا في‏

اليونيسكو, سررت بالطبع للقائه, ووجدته أكثر حزنا وأكثر صمتا وأكثر تواضعا, وأكثر انتماء وولاء للسودان, وقال‏

لي والأحداث بدأت تتفجر حولنا في العالم العربي: قرأت روايتك (الدوامة) علينا أن نغرس سكيناً في الأحداث التي تمر‏

بنا, قلت له: أنا لا أحمل سكيناً بل أحمل دمعة وشمعة, ولعلي أغرس أظافري أحيانا في جسدي وتظل عيناي مفتوحتين مهما‏

خفت مني الصوت ولو لامسني الموت.‏

ويظل الطيب الصالح علما من أعلام روايتنا العربية التي نفخر بها بين الأمم بأنها إبداع حقيقي في زمن أكثره مزيف‏

تهاطلت فيه الروايات العربية من رجالية ونسائية حتى لم نعد نستطيع أن نعثر على (ضوء البيت) العربي في الإبداع العربي,‏

وحتى أننا أصبحنا نفتقد (عرس الزين), و(بندرشاه), وأمثالها وإن كانت كل منهما مسلكا وسبيلا لروايات مشابهة كما‏

في الرواية السودانية(الدغل) مثلا, والأخرى المصرية, والثالثة الجزائرية, وحتى السورية أيضا.‏

تعليقات الزوار

محمد مازن دحدوح |  mazen_dahdouh@yahoo.com | 27/02/2009 14:35

هِجْرَةٌ بَعْدَ أُخْرَى بعد أُخْرى ولكن هذه المرة من الشمال إلى الجنوب هاجر ليدق باب بيت جده هذه المرة السودان المصنوع من خشب الحراز بيد ود البصير الذي لم يتعلم النجارة في المدرسة ، الجد لم يزل جالساً على فروة الصلاة وسبحة الصندل في يده تدور كقواريس الساقية .... دق الباب و هو يرنو إلى جدران بيت جده هي ليست من الحجر ولا الطوب الأحمر لكنها من الطين الذي يزرع فيه القمح قائمة على أطراف الحقل تصغي لحكايا شجيرات الطلح والسنط النامية في فناء الدار ، بدأ يشتم رائحة الشطة و القمح و اللوبية و الحلبة و انبعاث البخور من مجمر الفخار الكبير . دفع الباب و دخل ليتمهل عند باب الغرفة يستمرئ ذلك الإحساس العذب الذي يسبق اللقاء مع الجد كلما عاد من السفر ....آه يا جدي حين أعانق جدي أحس بالغنى كأنني نغمة من دقات قلب الكون نفسه إنه ليست شجرة سنديان في أرض منت عليها الطبيعة بالماء و الخصب .. جدي كشجيرات السيال في صحارى السودان سميكة اللحى تقهر الموت لأنها لا تسرف في الحياة .......هل تعلمون أن جدي يعيش في عامه المئة رغم المجاعات و الطاعون أسنانه في فمه وعيناه الصغيرتان الباهتتان تريان في حلكة الليل جسمه الرقيق العظام المنكمش به يمشي في غبش الليل من بيته إلى الجامع أمسكت بيد جدي... يدي و يد جدي جسرا بيني وبين بيئة افتقدتها بدون سبب الآن جسدي يشتم رائحة الأمطار في الصحارى رائحة المنجة و الباباي و التوابل الاستوائية.... هي أسراب القطا المتجهة إلى الشمال تتجه اليوم للوطن.......... الآن أحيا .

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 قمر كيلاني
قمر كيلاني

القراءات: 4269
القراءات: 1345
القراءات: 1053
القراءات: 895
القراءات: 929
القراءات: 965
القراءات: 935
القراءات: 2727
القراءات: 1283
القراءات: 1027
القراءات: 1080
القراءات: 1275
القراءات: 1133
القراءات: 975
القراءات: 1004
القراءات: 1038
القراءات: 1017
القراءات: 1102
القراءات: 1294
القراءات: 1091
القراءات: 1018
القراءات: 1137
القراءات: 1157
القراءات: 1093
القراءات: 1109

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية