فاليد المجرمة ذاتها ومصدر التمويل ذاته, والعقل الهمجي المدبر ذاته, وإلا فلماذا يدفع العراق بين الفينة والفينة ثمن مواقفه وسياساته دماً غزيراً وأمناً مفقوداً بعد كل إعلان صريح عن هذه المواقف والرؤى, خاصة في المحافل التي تسيطر عليها مشيخات وممالك النفط الخليجية؟
فما إن أعلن العراق موقفه الرافض للتدخل الخارجي في سورية في اجتماع وزراء الخارجية العرب في الدوحة قبل يومين, والمدار من قبل تلك المشيخات والممالك, حتى استفاق على يوم دموي فظيع حصد مئات القتلى والجرحى, في رسالة واضحة لا تحتاج تأويلاً أو تفسيراً سوى إصرار العراق على البقاء خارج دائرة الطاعة النفطية الخليجية, التي استولت على القرار العربي وعلى الكثير من الضمائر والذمم الصانعة لهذا القرار.
بات واضحا اليوم أن بؤر الفساد والتخريب والتحريض والتشويه التي جاء بها الاحتلال الأميركي إلى العراق وأثقل كاهله بها قتلاً وتخريباً لسبع سنوات أو ثمان, لم تزل باقية رغم انسحابه, ولم تزل تعمل بطاقتها القصوى بعد أن أوكل دوره في إدارتها وتمويلها إلى وكلائه التاريخيين في المنطقة, وأن من يرتكب الجرائم تمويلاً وتسليحاً وتحريضاً في سورية هو من يرتكبها في العراق وفي غيره من بلدان ما يسمى «الربيع العربي». وأهداف الجرائم المرتكبة في العراق لا تختلف كثيراً عن أهداف الجرائم المرتكبة في سورية, ما دامت يد الجريمة واحدة ومصدر تمويلها والتحريض عليها واحد.
ومن الواضح أيضا أن هذه الجريمة أو تلك سواء في العراق أو في سورية أو في غيرهما, لن تتوقف فصولها وتتابعها كحلقات في سلسلة واحدة, حتى زوال عروش النفط وزوال نواطيره الذين نصبوا أنفسهم وكلاء لكل المشاريع الأميركية في المنطقة.