تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


المبتدى.. والمنتهى

معاً على الطريق
الأحد 28-12-2014
مصطفى المقداد

ليست نهاية العام نهاية لبعض الأحزان المنتظرة، وليست الأمنيات الجميلة طقساً مقبولاً في نهاية عامنا هذا،

فتغيب التهاني وتفسح المجال لآمال مصحوبة بالكثير من الحزن والأسى والقهر.‏

ابتدأ العام الذي يلملم أيامه الأخيرة بخطوة تمثيلية لحوار مأمول في جنيف لم يتجاوز فعله قاعات اجتماعاته في المدينة الباردة، وانتهت تفاصيله قبل خروج أطرافه لما أقدم عليه سارقو تمثيل المعارضة من ائتلاف الدوحة السعودي، فكانت مشهداً تمثيلياً أرادت الإدارة الأميركية من خلاله أن تفرض إرادتها على ممثلي الشعب السوري، فواجهت الرد الطبيعي فعملت مع مندوبيها الذين دربتهم في أقبية استخباراتها على إفشال تجربة الحوار المأمولة.‏

مضى قطار جنيف 2 خارج السكة النظامية ولم يعد يذكر في أي ملتقى أو مؤتمر أو لقاء دولي إقراراً بالموت السريري لتلك التجربة، وتداخلت الأحداث بطريقة دراماتيكية منذ اجتياح تنظيم داعش لمحافظة نينوى وتهديد محافظات: بغداد وصلاح الدين وشمال العراق كله، لتدخل مرحلة محاربة الإرهاب وفق النموذج الأميركي الذي لا يسمن ولا يغني من جوع وهو يكشف يوماً بعد آخر فشله حتى في أبسط ادعاءاته، وحتى الضربات الجوية التي كان يتذرع فيها للمحافظة على أرواح جنود الائتلاف لم تعفه من الخطأ، ووقوع عناصره أسرى بأيدي داعش بعد إسقاط الطائرة الأردنية بالصواريخ الأميركية التي وصلت بطريقة ما إلى أيدي عناصر داعش وتلقوا تدريبات عليها.‏

إنها التجربة القاسية التي تعكس نظرة الغرب الاستعماري بعمومه لسورية والسوريين، فهو يريدهم وقوداً ذاتياً لمشروعه التدميري، ففي الوقت الذي يتباكى الغرب ذاته على دماء السوريين فإنه يوغل فيها من خلال خططه وقراراته وتحالفاته التي يقيمها والهياكل التي يشيدها في بعض المناطق عملاً لزيادة مدة الأزمة وزيادة الخسائر البشرية والمادية وتخريب البنى التحتية، بما يعني تدمير بنية الدولة الوطنية.‏

ومع نهاية العام الحالي تلوح في الأفق بادرة أمل يرتجى مع التحرك الروسي نحو إقامة لقاء تشاوري في موسكو خلال الشهر القادم يجمع أكبر عدد ممكن من الشخصيات والهيئات والتنظيمات المعارضة داخل سورية وخارجها للشروع في حوار وطني دون شروط مسبقة، ما يمهد الطريق أمام لقاءات أوسع تنتقل إلى سورية في فترة لاحقة والتأسيس لمؤتمر حوار وطني يضع حلولاً للمشكلات المستعصية ويصوغ أساس الاتفاق المستقبلي للدولة والمجتمع ويتم اختيار نظام الحكم باعتباره أحد مظاهر السيادة الوطنية.‏

ما بين بداية العام ونهايته تفاوت في المواقف وتطور الأحداث، فبينما بدأت الولايات المتحدة إدارة دفة الصراع والمواجهة في بدايته فإنها تراجعت بهدوء والتزمت الصمت والسكوت أمام المبادرة الروسية الهادفة إلى تقديم نموذج للحل يختلف عن كل النماذج التي قدمتها الولايات المتحدة والمبادرات التي قدمها مبعوثو الأمين العام للأمم المتحدة لأكثر من مرة، وكان مصيرها الفشل كلها لسبب واحد دوماً، وهو موقف أعداء سورية بطابعه التخريبي الذي لا يستند إلى أدنى حد من الواقعية والمنطق.‏

ما بين بداية العام ونهايته اختلاف في الرؤى الدولية والإقليمية، فمن كان يدعم الخطأ والعدوان بطريقة مباشرة يحاول أن يجري مراجعة لمواقفه ونظرته لآليات تعامله مع الأزمة في سورية، وهذا ما ينطبق على الغرب الأوروبي والاتحاد الأوروبي بصورة مباشرة، وعلى الرغم من القرارات الأوروبية الظالمة والتي تجافي الحقيقة فإن الحكومات منفردة ومراكز بحوثها ودراساتها تنظر إلى سورية وواقعها بطريقة مغايرة لما تعاملت به خلال سنوات الأزمة الأربع، وهي تدعو حكوماتها لمراجعة حقيقية تعترف بالأخطاء التي ارتكبتها وغياب الرؤية الموضوعية عنها، فما يحدث في سورية لا يمكن أن يوصف إلا بالإرهاب، وإن دعاة المعارضة كاذبون في تقاريرهم ومذكراتهم وتقييماتهم، وإنهم لا يمثلون مجموعات حقيقية في الداخل السوري، وهم لا يعرفون شوارع المدن السورية ولا طبيعة أبنائها، الأمر الذي يستدعي مراجعة حقيقية مع دعوة أكيدة لضرورة الإسراع بإعادة فتح السفارات الغربية لأن قطع الاتصال المباشر مع الحكومة السورية زاد في أخطائهم.‏

ما بين بداية السنة ونهايته انتصارات لبواسل جيشنا وصمود وتضحية لأبناء شعبنا وبرهان للعالم أجمع أن الشعب السوري نموذج للشعوب الحية، كما أن الجيش العربي السوري نموذج عقائدي عصي على الاختراق، وسيشهد العالم كله وسوف يسجل ذلك في تاريخ جيوش العلم كلها.‏

ويبقى المبتدى تآمر علينا، والمنتهى انتصارنا الموعود.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 مصطفى المقداد
مصطفى المقداد

القراءات: 11444
القراءات: 862
القراءات: 797
القراءات: 771
القراءات: 816
القراءات: 840
القراءات: 880
القراءات: 806
القراءات: 856
القراءات: 918
القراءات: 868
القراءات: 857
القراءات: 882
القراءات: 879
القراءات: 887
القراءات: 972
القراءات: 910
القراءات: 959
القراءات: 977
القراءات: 965
القراءات: 838
القراءات: 909
القراءات: 952
القراءات: 953
القراءات: 849
القراءات: 996

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية