فمع الإعلان عن فتح باب الترشيح للانتخابات الرئاسية المنسجم مع نص وروح الدستور السوري انبرت أقلام وسهام مسمومة، وزعقت منابر أمميّة ودوليّة ساقطة، وانتصب خطباء وأدعياء الديمقراطيّة المزعومة إيذاناً بشن هجمة بائسة يائسة جديدة ضد سورية والسوريين الذين باتوا يميزون الفعل والحدث المفبّرك عن الحقيقي، والذين راحوا يستمتعون بسماع الصياح المرتفع وهم يرصدون حالة الخوف والذعر المرافقة عند كل الزّاعقين المحليين «ما يسمى بالمعارضين» والدوليين والأممين «مدعي الديمقراطية وحراسها وداعمي الإرهاب والتَّطرف».
هذه معركة جديدة لكنها غير مستجدة لأنّها كانت قد بدأت منذ بداية الأحداث المفتعلة على التوازي، ولم يعد سراً أن محاولات اجتزاء « جنيف 1 « مثّلت وما زالت تمثِّل مربض القصف والاستهداف السياسي الذي تمارسه قوى البغي والعدوان ومن تمّ انتدابهم إلى المؤسسة الأمميّة البائسة ليكونوا أبواقاً لها تعمل على «البطاريّة» وبجهاز تحكم تمسك به واشنطن الحامية للصهيونية العالمية.
يقول البائس بان كي مون والخرف الأخضر الإبراهيمي: «إن مثل هذه الانتخابات لا تتوافق مع نص وروح إعلان جنيف، وانها تضرّ العملية السياسية وتعرقل احتمالات التَّوصل إلى حلٍّ سياسي»، فمن قال للإبراهيمي وكي مون أن اتفاقاً في الكون يمكن له أن يتقدم على ما نص عليه الدستور السوري، ومن علّمهما أنه من المسموح به أن تنال الحلول السياسية من الحقوق والاستحقاقات الدستوريّة والسيادية؟!.
على أي حال وفي كل الأحوال كان يتوقع السوريون هذا النوع من الزعيق الدولي والأممي، ولم يفاجئهم شيئاً مما تناهى إلى أسماعهم، بل ربما يكون ما سمعوه قد أدخل السرور إلى أنفسهم لأنهم باتوا يدركون بالفطرة أن مقدار صوابيّة كل خطوة سورية أو غير سورية بات يتحدد بمقادير انزعاج أميركا وأدواتها، وباتوا يعلمون تماماً أن كل ما يدفع قوى البغي والعدوان إلى ممارسة الزّعيق هو الصواب عينه، وبالتالي فإن ارتفاع مناسيب الانزعاج والزّعيق الأميركي لن تزيد السوريين إلا اصرارٌ وتصميمٌ على المضي في خياراتهم الوطنية وفي خوض المواجهة إسقاطاً للتحديات والرهانات، وكسباً لكل المعارك التي يخوضونها بإرادة وطنية حرّة جامعة، ولن تكون هذه المعركة استثناءً، وسيرسم السوريون خطوط انتصارهم فيها كما رسموا مع جيشهم وقيادتهم السياسية انتصارات السياسة والميدان التي تؤرق أعداء سورية على امتداد الجغرافيا من واشنطن إلى باريس، ومن باب السلطان العثماني الواهم في أنقرة إلى سادة الجهل والجاهلية في الخليج.