|
|
إنعاش بنك البذور.. على الملأ وفي الواقع كانت ولا تزال الكثير من هذه المساحات الصغيرة من الأراضي متروكة بوراً، ولاسيما في الأرياف الساحلية التي تمرّست منذ سنوات طويلة على مقارعة الفقر، غير أن الصورة اليوم تختلف بعض الشيء عن صورة الماضي. وهنا نستذكر قصة آبائنا الذين وجدوا أنفسهم نتاجاً لسياسات التجهيل العثماني والفرنسي، فعاشوا بعيداً عن فرص التعليم والعمل المجدي، كانوا لا يجدون أمامهم فرصة للعيش إلا من خلال تلك الأرض الطيبة فزرعوها وجاهدوا بتعبهم المضني من أجل أبنائهم، غير أن تلك الحيازات الضيقة لم تكن قادرة على تغطية متطلبات الحياة، فهجروها لأعمال أخرى حيث حرصوا على تعليم أبنائهم، علهم يخلقون لهم فرص حياة أفضل من فرصهم إضافة إلى توقهم لانخراط أبنائهم في عوالم العلم وأنوار الثقافة، وهذا ما حصل إلى حد كبير بالفعل. رحل أغلب الآباء إلى العالم الآخر، وتركوا تلك الحيازات الصغيرة لأبنائهم يرثونها من بعدهم، فتجزّأت تلك الأراضي أكثر فأكثر، وكان أغلب الأبناء قد تركوا قراهم واتجهوا نحو فرص عمل أخرى تتناسب مع تعليمهم، غير أن الكثير منهم الآن وصلوا إلى سن التقاعد وعادوا مجدداً إلى قراهم ليتفرّجوا على تلك الحيازات التي لصغرها لا تُحفّز على استثمارها. غير أن مبادرة اتحاد المصدرين في بنك البذور خلق عند هؤلاء هاجس الزراعة في الأرض الموجودة مهما تكن صغيرة المساحة، وهذا ما يتناسب أصلاً مع عزم أبناء الأمس وآباء اليوم ممن تعلّموا واعتادوا على مهنٍ أخرى، فقطعة أرض صغيرة يمكن العناية بها ولا تحتاج إلى تلك الجهود المتعبة، وبدا الناس وكأنهم ينتظرون من يشجعهم على ملاقاة الأرض ومصادقتها، وهذا ما فعلته بذور اتحاد المصدرين بغض النظر عن خطة الاتحاد الموضوعية في تفرّغ أصحاب الحيازات الكبيرة إلى التصدير بعد تحقيق ما يمكن تحقيقه من اكتفاء ذاتي من قبل أصحاب الحيازات الصغيرة. على الملأ نقول إنها خطة رائعة ومجدية لاتحاد المصدرين يُشكر عليها بالفعل، وهي قادرة على الإنعاش في عدة اتجاهات، ولكنها ما زالت تحتاج إلى طريقة أكثر تقنية وسرعة لإيصال المعلومة إلى الجميع بأنهم يستطيعون الحصول على هذه البذور مجاناً .. وكيف ..؟
|
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
