لأن المشكلة ليست فقط في التداعيات رغم ما أحيطت به من تركيز إعلامي مكثّف وحديث مطوّل عما تعكسه من سابقة يمكن أن تقوّض أسس العمل في المنظمات والاتحادات على النطاق الإقليمي والدولي.. بل هي في جزء منها على الخلفيات التي دفعت بجامعة حمد وبعض صبيان السياسة إلى هذا الموقف الذي يعكس قبل أي شيء آخر سيناريو جديداً من التآمر يتم العمل عليه وكانت خطوته الأولى من الدوحة.
فالواضح أن المسألة كانت تتويجاً لقرار تم تنسيق معطياته على أن يتزامن أو يترافق مع خطوات بادرت الإدارة الأمريكية قبل غيرها إلى الإيحاء بها, ولو بشكل خفيف, وذلك من خلال زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى المنطقة, حيث تحولت محطاته إلى منصات إطلاق وتصويب نحو الأهداف القادمة التي تريد السياسة الأمريكية أن تدشّن بها ولاية أوباما الثانية.
فالجميع يدرك أن استهداف سورية يأتي في إطار استهداف منظومة المقاومة.. وكان هذا يقتضي توسيع الدائرة, وتقديم بعض الإضافات لتكون الحرب الكونية في مرحلتها الثانية أكثر وضوحاً بأهدافها وغاياتها, وهذا ما اقتضى أن تشغل المنطقة بسوابق سياسية لتحطيم بنية وهيكلية المنظومة التقليدية القائمة.
و بما أن الجامعة العربية تشكل الحلقة الوسيطة في هذه المنظومة, فقد كان من الضروري أن يتم كسرها وإخراجها من المشهد لإسقاط الحلقات الوسيطة في لعبة دومينو, تمت ممارستها أكثر من مرة, وتم تجريبها في ثمانينات القرن الماضي.
و بعد فشل الحلقة الأولى من الاستهداف كان لا بد من الانتقال إلى المرحلة الثانية بهجوم على جبهات متعددة تقتضي التسخين الإعلامي والعسكري بالتوازي مع تصعيد سياسي في المنطقة ككل ووضعها في فوهة الانفجار في أي لحظة بما يؤخر على الأقل فكرة الحل السياسي مرحلياً.
والمتابع لمجريات الأحداث خلال الأسبوع الماضي يلاحظ أنه كلما تقدم السوريون خطوة باتجاه تحقيق اختراق للوصول إلى مرحلة الحوار الوطني, زاد الأمر شراسة في التصعيد على المستوى السياسي ومستوى دعم الإرهاب الذي لم ينقطع يوماً.
ولهذا الأمر مدلولاته وقراءاته, وليس أمراً عبثياً أن تتراجع فرنسا عن طلبها بتسليح الإرهابيين مع الصمت البريطاني المتوقع, وهما الباحثتان عن دور في التسوية المقبلة, قد تقتضيها لعبة الأدوار في المرحلة الثانية.
عند هذه النقطة قد يكون من المقنع فعلاً أن نربط بين النتائج والتداعيات, وبين التحضيرات التي سبقت ذلك وصولاً إلى الخطوات الموازية مع التقاطعات الأخرى.
لا أحد ينكر أن هذه الخطوات قد تكون أخطر من سابقاتها, لكنها كما كان القول الفصل في المرحلة الأولى هو للسوريين الذين غيّروا الحسابات, سيكونون أيضاً عاملاً للتغيير في المعادلات الجديدة.
فدمشق لن تكون إلا عنواناً لكل راغب, في الحوار الجدي الذي سيؤدي حتماً إلى نتائج تفسح المجال أمام عوامل قوّة إضافية في مواجهة إرهاب منظّم وصمت دولي قاتل وخيانات موصوفة من قبل معارضات تستقوي على وطنها باستجداء التدخل الدولي ظناً منها أن ذلك سوف يتقدم بها خطوة باتجاه الداخل السوري العصي عليها وعلى من وراءهم, فهناك جيش عربي سوري أقسم أن يطهر الأرض من دنس الإرهاب وشعب واثق بقيادته ومتمسك بوطنه وعروبته وما زال صموده مستمراً, وما يجري ليس أكثر من لهاث وراء أضغاث أحلام استدعتها ترتيبات وخطوات الحلقة الثانية من الحرب الكونية على سورية.