تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


عتبات السنة الجديدة

معاً على الطريق
الإثنين 22-12-2014
أنيسة عبود

تكاد السنة تلمّ حقائبها وتمضي .ستأخذ معها بعض أيامنا وذكرياتنا ..وسنؤرخ لسنة جديدة نبحث أحيانا في أوراق المنجمين عن خفاياها .

لكن أسئلة كثيرة تخرج إلينا من بين شقوق الزمن ومن بين الأيام التي ننتظرها ..هل القادم أجمل أم أفظع ؟‏

هل الوطن سيعود إلينا ونعود إليه ..أم سنظل على خصام معه ومع الأيام ؟‏

هل ستطوي الذاكرة جراح أربع سنوات أم سنبدأ فصلا» جديدا» (من تغريبة ) الحزن والقتل والظلام الداخلي ؟‏

ماذا ينتظرنا خلف باب السنة الجديدة ؟ هل تأقلمنا مع الحزن , حتى صار هذا الحزن جارا» لنا وصديقا» لا نفارقه ؟‏

هل نقدر على الفرح مرة أخرى ونعود إلى البهجة التي كانت تلفنا في الماضي حيث كنا نحلم ونحلم ونرسم الخطط للمستقبل ؟‏

هل نستطيع أن نعود عائلة واحدة كما كنا ؟ نتجاور ونتزاور ..ونتبادل المعايدات والهدايا ونتشارك في السكن والسفر وحبّ الوطن حيث كنا نؤمن بأننا كلنا سوريون ..وكلنا أحفاد خالد وعمر وعلي وزينب ومريم وعائشة ..؟ أم أن الرؤوس المقطوعة ستظل أمام نوافذنا تصرخ و تئن في قلوبنا ؟‏

..........................................‏

نعم .. تقترب السنة الجديدة ..هاهي على بعد أيام من ألم امتد سنوات ..وهاهي على بعد أمتار من بيوت تهدمت وأسر تمزقت ..ونساء ترملت , وأمهات ثكلت ..هاهي على بعد دمعة وشهقة وطريق متعرج في ذاكرة لا تعرف كيف تردم تعاريجها ولا كيف تطوي صفحاتها الدامية .‏

سنة جديدة ..وربما وجع يتجدد ..لا الحلم يشفي الروح ولا الأمل يدق الباب ..ماذا نفعل نحن السوريين الذين ينغرس الوطن في شرايينهم ؟‏

ماذا نفعل بوطن لا نقبل بديلا» له وبشعب لا نجد أعظم من صبره ..ماذا نفعل والجراح تنزف ؟ مع ذلك لا نبدل ولا نتبدل ..ولا نساوم على تراب البلد . ؟‏

لكن ..هل سترأف السنة الجديدة بأطفالنا ؟ وهل ستقدر على تضميد جراحنا . ؟وهل سنقدر نحن أن نسامح ونقبل الاعتذار والأعذار ونقول : عفا الله عما مضى وكان ؟.‏

لا أدري ماذا تخبئ السنة الجديدة ..ولا أثق بالمنجمين ولا بالسحرة ..أثق فقط بالدم الذي روى تراب الوطن .وبالرؤوس التي قطعت من أجل الوطن .أثق بالشباب الواقفين في عين البرد والثلج .الصابرين على الفراق ..الساهرين من أجل كرامة الوطن .‏

لكن .. نحلم أن تأتي السنة الجديدة ومعها ورد الصبر والنسيان حتى نستطيع أن نبدأ حلماً جديداً لا يلونه الدم ولا يقطع رأسه سيف الطائفية .. ولا تقنصه قناصات الجهل والتواطؤ والعمالة .‏

نحلم أن تأتي السنة الجديدة لنبني سورية الجديدة .. نعيد إلى الوطن أبناءه ومدارسه والجسر المعلق وأحباباً كانوا بين طيات القلب ثم صاروا خلف ضباب الشك والتضليل .‏

نعيد للشوارع ضوءها ..وللنوافذ حبقها .ونعيد للجبال غارها وسنديانها وقمصان أبنائها الذين رحلوا دون وداع أبواب بيوتها .‏

..........................................‏

طويلة هذه السنة ..أطول مما نستطيع تحمله ..قاسية أكثر من برد جبل الشيخ وعاتية أكثر من رياح الغربة ..ما أصعب أن نهرق العمر بين الدم والرصاص .بين زغاريد القهر وبين قبور الأحباب ..لا نريد أن نتذكر بداية السنة ولا نريد تذكر التي قبلها وقبلها وهذا الليل الطويل الذي امتد من رصاص فوق جسر بانياس, إلى رصاص على جسور نهر العاصي .. أيام تركض وأشلاء تنادي ..شهداء دفنوا وشهداء ينتظرون..والسنة لا تأبه بأحد.. تشيل أوتاد خيمتها وتمضي دون انتظار أحد.‏

ونحن ..؟؟ نحن السوريون الموجوعون , كيف سنعيد ما ضيعناه ؟ قيمنا وتقاليدنا الجميلة؟ كيف نرجع كما كنا أنقياء .. متسامحين, محبين, بسطاء.. طيبين.. لا ننكر الحق ولو على أنفسنا.. كيف سنصوغ من جديد إنساننا الجديد المستقبل القادم ؟‏

كيف سيعيش الوطن بيننا بعد أن مزقناه وشوهناه واستقوينا بالغريب عليه وعلى أهله؟ ماذا سنقول له عندما يقف وينظر إلى قبور الشهداء ..ماذا نقول عندما يسأل عن الأبناء ؟ عن المعامل والمصانع والجوامع وقبور الأولياء؟‏

هل يتكلم التراب عنا؟ أم تتكلم العناوين التي محيت أم تتحدث الأسماء والدماء ؟‏

ارحلي أيتها السنة سريعاً.. ارحلي .. صار الرحيل عادة .. وصار البكاء عادة .. وحده الوطن الجريح يستحق منا أن نبكيه ونتوسل إليه حتى لا يصير نسياً منسياً.‏

فالسلام على وطن صامد وعلى جنود صامدين على حدود الوقت والأيام والسنين.. سلام على الشهداء إلى يوم الدين.‏

....................................................‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 أنيسة عبود
أنيسة عبود

القراءات: 682
القراءات: 805
القراءات: 731
القراءات: 689
القراءات: 723
القراءات: 653
القراءات: 674
القراءات: 870
القراءات: 922
القراءات: 753
القراءات: 729
القراءات: 768
القراءات: 755
القراءات: 848
القراءات: 749
القراءات: 744
القراءات: 734
القراءات: 817
القراءات: 728
القراءات: 880
القراءات: 738
القراءات: 784
القراءات: 871
القراءات: 953
القراءات: 756

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية