تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الكيانات الوطنية في دائرة الاستهداف

إضاءات
الإثنين 22-12-2014
د.خلف علي المفتاح

لم يسبق ان تعرضت الكيانات الوطنية العربية التي تشكلت خلال القرن الماضي بعد سقوط الامبراطورية العثمانية لتهديد وجودي كما هو حالها اليوم واذا كان الخطر الصهيوني قد مس الأمن القومي العربي

وعرّض العديد من الاقطار العربية لاطماعه التوسعيه الا ان ما تشهده الساحة العربية من استهداف هو اخطر من كل ما سبق بل ويصب في خدمتها فالاستعمار التقليدي كان يحتل الارض ويرحل عنها تحت ضربات وبطولات ابنائها وتضحياتهم لكن ما تشهده الدولة الوطنية (القطرية) راهنا يكمن في أن المستهدف هو البنية من الداخل وبإدارة وقيادة قوى الخارج وبالتعاون مع بعض مكونات الداخل استثمارا في بعض نقاط الضعف فيها .‏

ان استهداف الدولة العربية عبر مشاريع راديكالية متطرفه مدعومة من قوى خارجية وداخلية لا يمكن ان يكون هدفه اصلاحيا يصب في خدمة المجمل الكلي الوطني لأنه يقوم اساسا على فكرة غير جامعة ويسعى لتحويل انتماء ما دون وطني الى هوية جامعة ترتكز الى حامل لا ارادي يشكل الى حد كبير استفزازاً مباشراًً لكل البنى الأخرى المشكلة للدولة الوطنية اولا والجماعة السياسية التي نشأت عليها أساساً فكرة الوطن والمواطنة.‏

إن الأوطان تبنى على الفكرة الحضارية الجامعة والمصلحة العامة والرغبة في العيش المشترك وعلى قاعدة التقابل والمساواة في الحقوق والواجبات ولا تتأسس على قاعدة الاستئثار والاحتكار والتميز لأي جماعة سياسية او دينية او عرقية قلت او كثرت فهذا يقتل فكرة الوطن ومبدأ المساواة وسيادة القانون وتكافؤ الفرص التي تعتبر مبادئ عامة في تشكيل أي جماعة سياسية وفق ميثاق الأمم المتحدة وشرعية حقوق الانسان ما يعني ان المس بها يعني بشكل تلقائي نسف فكرة الدولة من اساسها وتشظي وتفتت الرابطة الوطنية الجامعة لهذا كله نرى الجماعات الراديكالية المتطرفة تستهدف فكرة الدولة والوطن لتحقيق ذلك الهدف الخطير والمدمر .‏

ان ما شهدته سورية ويشهده العراق والذي سينتقل حتما الى اماكن أخرى ليس من صنيعة تنظيمات وجماعات متطرفة فقط وانما هي جزء من كل، وأداة في مشروع أكبر بكثير مماقد يتصوره أو يصوره البعض فالقضية ترتبط بمشاريع كبرى وأجندات عالمية وجدت في هذه الجماعات المتطرفة ادوات طيعة لتنفيذ استراتيجياتها او توفير الظروف الواقعية والبيئة السياسية المناسبة لها وهنا تكمن خطورة الدور الوظيفي لتلك الجماعات وما تشكله من أخطار حقيقية على دول المنطقة اضافة الى انها تعطي الذريعة والحجة للقوى الاستعمارية للتدخل المباشر او غير المباشر في هذه البلدان تحت ذريعة مكافحة الارهاب والتطرف وتعقب فاعليه.‏

إن إضعاف وتفتيت الدولة الوطنية على مستوى الاقليم والمنطقة عموما سيجعل من الكيان الصهيوني والغرب الاستعماري حاجة وضرورة تستدعيها مسألة بقاء واستقرار واستمرار بعض الانظمة والكيانات اضافة الى ان العصابات الارهابية المسلحة والمتطرفة ستكون الفزاعة التي يلوح بها الغرب الاستعماري بوجه حكام المنطقة من اتباعه لابتزازهم سياسيا واقتصاديا وعسكريا وهو ما يخدم اهداف شركات السلاح والنفط والمال ويصب في خانة مصالحها واستمرارها في نهب خيرات شعوب المنطقة في ظل تنافس حاد بين الشرق والغرب على قيادة العالم اقتصاديا ومن ثم سياسيا .‏

ان المسألة لم تعد توصيفا لمخاطر ما يجري على ساحاتنا المفتوحة بقدر ما هي دعوة لاتخاذ مواقف عملية لمواجهة ما يجري وعلى الاقل في المستوى السياسي بحيث ينبثق عنه عمل واضح وجماعي لأن الخطر داهم الجميع ولن يستثني احدا من شروره ؟‏

khalaf.almuftah@gmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 خلف المفتاح
خلف المفتاح

القراءات: 11279
القراءات: 1049
القراءات: 801
القراءات: 952
القراءات: 826
القراءات: 897
القراءات: 910
القراءات: 871
القراءات: 942
القراءات: 888
القراءات: 900
القراءات: 871
القراءات: 900
القراءات: 933
القراءات: 976
القراءات: 949
القراءات: 1039
القراءات: 1015
القراءات: 949
القراءات: 1012
القراءات: 948
القراءات: 981
القراءات: 999
القراءات: 1042
القراءات: 1248
القراءات: 1192

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية