رسم بهما صورة للمرأة بأسلوب السهل الممتنع الذي عرف به لاحقا ورافقه فيما تبقى من ألق تجربته.
الحديث عن نزار قباني يشبه، إلى حد بعيد، الحديث عن الوطن، فكلاهما يفرض مفردات حانية من تلك التي يفرزها الوجدان غريزيا، ولطالما عشش الوطن في ثنايا روحه فخبأه بين أهدابه متنقلا بين عواصم العالم، وكأنه يحمل قنديله الأخضر، وكثف دمشق في تلافيف روحه فهي الرحم الذي علمني الشعر وعلمني الإبداع وأهداني أبجدية الياسمين .
وقد يكون الولد سر بلده أو أبيه أو أمه وكان نزار نتاج كل أولئك فشغفه بحواري الياسمين وبوالده الذي يصنع الحلوى والثورة- على حد تعبير نزار- وأمه فائزة التي لولاها لما تمكن من طباعة ديوانه الأول، كل ذلك جعله خليطا من شفافية وجرأة وتمرد مكنه من تفجير ثورته الحداثية في القصيدة العربية، متكئا على تقنية السهل الممتنع، وحينها قامت الدنيا ولم تقعد على قصائد قالت لي السمراء لكنه آثر المثابرة والمضي في فتوحاته حتى تمت مبايعته، من معظم القراء والقارئات، لدرجة أعلن فيها أنه الشاعر الوحيد الذي تغفو دواوينه على وسائد الفتيات العربيات.
وبين حدي الإنكار والسخرية في البداية، والعودة ملفوفا بالقلوب والعلم السوري في النهاية، بقي نزار قباني ماركة متوهجة يستهدفها التقليد عند الناطقين بالضاد، لكنه بقي عصيا على التقليد، في مماته كما في حياته. ونحن إذ نحتفل بعيد ميلاده الذي يصادف بعد غد السبت، فإنما نحتفل بربيع من القصيد يجدد منثورا على امتداد ساحات القلوب.