ومُبكراً أدرك السوريون أنّ اللون الرمادي لا وجود له، وأنّ الوقوف على التلة يَحمِل الإدانة المباشرة للواقفين عليها، وأنّ وضع قدم هنا وأخرى هناك لا يَستقيم.
على شاشتي (السورية) و(الأخبارية) أعاد السيد الرئيس بشار الأسد تأكيد الحالة في رده على سؤال عَرَضَ مَقولة أن (إسرائيل) كانت الحاضر الغائب في العدوان على سورية، مُصححاً: (إسرائيل هي الحاضر الحاضر، لم تكن غائباً على الإطلاق، غائب لغوياً لأننا نُقاتل نُوابها أو عُملاءها أو إمعاتها أو أَدواتها بأشكال مُختلفة، منها عسكري، والبعض سياسي، كلهم أدوات يَخدمون إسرائيل).
الأدوات والإِمّعات والعُملاء والنّواب، ليست مُجرد مُترادفات أراد الرئيس الأسد تَعدادها، وإنما أراد ربما تَثبيت أن التّنوع بمدلولاتها إنما يُؤشر لتنوع الأدوار التي قام بها هؤلاء وسواهم بالداخل والخارج، استكمالاً لما أُسند من أدوار للمُرتزقة التي جِيئ بها من أربع جهات الأرض، ولما أُسند لمشيخات البترودولار، لإمعات القارة العجوز، وللعثماني الواهم.
من هؤلاء مَن استُخدم بالمعركة السياسية التي سخِّر لها منصات الإعلام ومنابر السياسة والدبلوماسية، ومنهم مَن استُخدم بالمعركة العسكرية التي حُشد لها الحُثالات الإرهابية، ليَبقى من الثابت أن حكومات انخرطت بالمعركة مع أجهزة استخبارات ورئاسات أركان جيوش مُعادية أُنشئت لها غرف عمليات على الحدود، وعبر المُحيطات.
أميركا، دول الغرب، مَحميات الخليج وتركيا، منها تَشكلت منظومة العدوان خدمةً لإسرائيل، وهي المنظومة التي باع لها رخيصاً بعض السوريين أنفسهم ليَكونوا ضمن التشكيلة إياها، فمنهم من كان أداة ومنهم من كان إمعة أو عميلاً أو نائباً لإسرائيل يعمل لمصلحتها وخدمة لأهدافها، فكانت إسرائيل واقعياً الحاضر الحاضر بكل ما جرى.
الأدلة التي ظهرت تباعاً، والتي صارت جلية عَلنية شديدة الوضوح والوقاحة، هي في الواقع تُعد وتُحصى رغم تَكاثرها، وستبقى قرائن ثابتة تُدين أميركا والغرب ومَحميات الخليج وتركيا، وتُسقط بالقانون والوجدان عن الذين باعوا أنفسهم سوريتهم.. نعم، وبعيداً عن السياسة، نَعتقد أن هذا هو حكم الشعب السوري القاطع والنهائي.
للذين ما زال الأمر يَلتبس عليهم نقول: كنا وما زلنا نقاتل إسرائيل، بدليل أنها كانت تَألم ولا تُخفي ألمها والخيبة، في كل مرة نُحقق فيها تقدماً وانتصاراً، بكل إنجاز ميداني نُعلنه، وبكل خطوة نَنتهي منها كانت تَألم قبل بقية مُكونات المنظومة إياها، راجعوا تصريحات نتنياهو وزمرته بالكيان الغاصب، ستَجدون أنها كانت الحاضر الحاضر بتفاصيل العدوان، وأول الحاضرين بالتعبير عن الألم والهزيمة.