ببعض مفاصل العمل الذي يمس حياة ومستقبل الشرائح الأوسع من المجتمع.. فإذا تناولهم الإعلام بالنقد ومحاولات التصويب تناولوه بالتجريح والإساءة وتشويه السمعة, فضلاً عن ضرب عرض الحائط بما يكشفه الإعلام ويقدمه من الوثائق والأدلة, وكذلك بما يراه ويشير إليه, لا بل إن بعضهم يعمد إلى إجراءات انتقامية تجاه الإعلاميين ومن يتعاون معهم في مؤسسات وإدارات أولئك المديرين بالنقل أو كف اليد أو العزل, لا لشيء إلا لأنهم كشفوا أو أعادوا التذكير بشيء مما تستروا عليه طيلة سنين وعقود.
إن الدور الرقابي والناقد للإعلام, وخاصة الصحافة, ليس هو المراجعة الدورية للمكاتب الصحفية في مؤسسات وقطاعات العمل والإدارة, والتي في غالبيتها تصوغ أخباراً وتقارير منمقة متملقة تجمل القبيح وتحيل المسؤول المعني بها أو المدير إلى إنجاز وصرح, بل وإلى تمثال لا تنقصه إلا الأدعية والأضاحي تتلى وتقدم عند قدميه, فإذا ما رفع أحد الغطاء قليلاً عن التمثال, صدمته رائحة العفونة والفشل والتسيب والإهمال وغيرها.. ليس دورنا أن نساهم في تكبير الغطاء وتوسيعه, بل أن نمزقه ونكشف استاره بالدليل والوثيقة وبالصورة الحية والكلمة الموضوعية, ويكفل ذلك لنا الرسالة التي نذرنا أنفسنا من أجلها في النقد والكشف والتصويب, وكذلك توجيهات السيد الرئيس بفتح الأبواب أمامنا, وقرارات السيد رئيس الوزراء بتزويدنا ما نحتاج إليه من معلومات ووثائق, وإلا فكيف نقدم مساهمتنا في التعريف والتمييز بين الكفوء والفاشل??
على الصفحة الثالثة عشرة من عدد اليوم من صحيفتنا تحقيق صحفي لا تنقصه الوثائق والدلائل لأنها بادية لكل عين, يتناول العلاقة بين التجمعات السكنية العشوائية وبين مساحات الأخضر في دمشق وريفها, وبالتحديد يتناول التخطيط العمراني لمدينة دمشق وما شابه, بل ما قام عليه, من الرداءة والإهمال والفساد وتدمير البيئة, ومع أن كل ذلك يكاد يكون من إنجاز إدارة واحدة لم تتغير طيلة سنين, إلا أن هذه الإدارة لديها من الجرأة ومن.. الحصانة, ما يدفعها إلى رفض أي نقد أو حوار, بل ما يدفعها إلى سبنا وشتمنا والتعامل معنا بطرائق الثأر والانتقام والنكاية.
هذا نموذج لبعض من العقل الذي يخطط للعاصمة الأعرق في التاريخ ولسكانها الملايين ولمستقبل أجيالها!!