تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الإمبراطورية الأميركية بين خيارين؟

منوعات
الاثنين 25-3-2013
د.خلف علي المفتاح

تتميز السياسة الأميركية بقدرة فائقة على التكيف مع الأوضاع الجديدة في عالم سمته الأساسية التبدل والتغير،

هذه الديناميكية التي هي سمة مهمة من سمات البراغماتية السياسية هي التي تفسر إلى حد بعيد النهج الذي بدأت تتبعه الإدارة الأميركية في عهد الرئيس باراك أوباما، فالولايات المتحدة الأميركية بدأت تدرك الكلفة الباهظة لسياساتها القائمة على التدخل بالقوة الصلبة بمظاهرها العسكرية وما يترتب عليها من خسائر بشرية واقتصادية تستنزف الاقتصاد والمجتمع الأميركيين، إضافة إلى مساهمتها في زيادة تشويه صورة أميركا على المستوى الدولي وإظهارها قوة غاشمة استعمارية، ما يراكم من حجم كراهيتها ونبذها عالمياً.‏

ومع تنامي دور قوى صاعدة بدأت تستعيد وتحتل مكانة لها في المشهد الدولي بحكم قوتها الاقتصادية والعسكرية وتراجع عناصر القوة الأميركية ولاسيما الاقتصادية منها بدأت الإدارة الأميركية في عهد أوباما الحديث عن قيادة للعالم تقوم على الشراكة بدل الاستفراد والحوار بدل القوة، وهو ما جاء على لسانه في خطاب التنصيب في فترة ولايته الثانية وعززه في اختياره لفريقه السياسي الذي يعكس إلى حد بعيد مقاربته للبعد بين الداخلي والخارجي في تصميم سياساته العامة.‏

إن الحديث عن توجهات عامة للرئيس الأميركي لا يغير من حقيقة أن الولايات المتحدة الامريكية دولة تحكمها وترسم سياساتها العامة مؤسسات كبرى، كالكونغرس والبيت الأبيض والبنتاغون وجهاز المخابرات، وقبل ذلك المجمع الصناعي وشركات البترول ووول ستريت القوة المنتجة والفاعلة الحقيقية لمدخلات السياسة الأميركية ومخرجاتها وهذا يعني بالحاصل السياسي أن ما يستوجب أو يستلزم هكذا توجهات أو سياسات هو حقائق تشكلت على الارض تحكمها موازين قوة جديدة وليست نزعة أخلاقية هبطت فجأة من السماء على ساكن البيت الأبيض.‏

من هنا تأتي أهمية مقاربة هذه الحالة ووضعها في إطارها الصحيح والتعامل معها بمنطق التحليل الموضوعي، ففكرة الهيمنة والسيطرة والاستئثار لم تغادر الثقافة السياسية الأميركية بل هي عنصر أساسي في طبائعها، ولكن المسألة تتعلق في الأسلوب أي استبدال القوة الخشنة بالقوة الناعمة وحسب مقتضى الحال وبمنظور الكلفة ومعيار الربح والخسارة، فالامبراطورية «الشركة» لا تتعامل إلا بهذا المنطق.‏

لقد تنازعت التوجهات الأميركية في اطار رسم الاستراتيجيات العامة رؤيتان عسكتهما مراكز الدراسات ومؤسسات البحث المنتشرة على مساحة الجغرافيا الأميركية في إطار الإجابة عن سؤال اشكالي أقلق بعض الأميركيين، وهو لماذا يكرهوننا؟ فكانت الإجابة هي أن اتباع سياسة العصا الغليظة والقوة الخشنة في العلاقات الدولية هي السبب الرئيس والجوهري الذي يفسر تلك الكراهية، فلابد من اتباع سياسة العصا والجزرة، الترغيب والترهيب وضرورة استخدام القوة الناعمة والذكية لتغيير تلك الصورة النمطية، وهو مااقترحه جوزيف ناي الأميرال السباق والأكاديمي المتخصص الذي وجد أن لا سبيل أمام أميركا كي تحافظ على نفوذها العالمي، إلا أن تقدم جاذبية النموذج الأميركي السياسي والأخلاقي والثقافي على معطى القوة العسكرية أي القيادة بالقوة الناعمة بدل القوة الصلبة.‏

إن مكمن الخطورة في تلك التوجهات يكمن في أن لا تغير جوهرياً وبنيوياً في السياسات العامة، وإنما في الأساليب وهذا يعني بالمحصلة أن خيار استعمال القوة لم يستبعد وإنما تراجع في الترتيب من أولاً إلى ثانياً وثالثاً ربما، وهذا يحيل الباحث عن إجابة الى جذر تلك السياسة وهي مقولة الرئيس الأميركي تيودور روزفلت: تكلم برفق واحمل عصا غليظة؟‏

khalaf.almuftah@gmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 خلف المفتاح
خلف المفتاح

القراءات: 11369
القراءات: 1097
القراءات: 845
القراءات: 999
القراءات: 877
القراءات: 943
القراءات: 957
القراءات: 914
القراءات: 986
القراءات: 934
القراءات: 974
القراءات: 913
القراءات: 939
القراءات: 977
القراءات: 1032
القراءات: 994
القراءات: 1090
القراءات: 1070
القراءات: 991
القراءات: 1054
القراءات: 994
القراءات: 1020
القراءات: 1047
القراءات: 1081
القراءات: 1318
القراءات: 1234

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية