وبالعودة إلى تقرير أصدرته الهيئة السورية لشؤون الأسرة بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان ضمن مشروع دعم الاستراتيجية الوطنية للشباب في سورية يبدو واضحاً أن من بين النقاط العديدة التي أثارها التقرير أن الوضع الحالي لسوق العمل السوري يحتاج للكثير من التغييرات في المجال القانوني والبرامج التنموية المرتبطة بمفاهيم وشروط العمل اللائق والتوجه بالتوعية والتدريب إلى الشباب العامل وأصحاب العمل على السواء، ولا بدَّ من تعزيز ما يعبر عنه الشباب ولعل ما يستوقفنا هنا ما يتعلق بمفهوم التطوع كضرورة تنموية لاستيعاب إبداعات الشباب وتوظيف طاقاتهم في خدمة مجتمعهم وأيضاً تعزيز قيم الانتماء في وقت يتعرض فيه الشباب بصورة خاصة لظروف ضاغطة على الهوية والانتماء والفكر والسلوكيات المختلفة.
اليوم في المجتمعات الحديثة صار القطاع المدني التطوعي يمثل منظومة متكاملة شاملة تمثل ركناً ثالثاً في بناء المجتمعات الحديثة مع القطاع الحكومي والقطاع الخاص واعتمدت كثير من الدول المتقدمة والمنظمات الدولية توظيف المنظمات الطوعية في مشاريع التنمية، من هنا تبدو أهمية وجود استراتيجية لدعم العمل التطوعي بحيث تكون منظمة بدءاً من إدخال مادة العمل التطوعي ضمن مناهج التعليم بمختلف المراحل لتشجيع الطلاب والطالبات على العمل التطوعي.
ودائماً نقول: إن التربية بالقدوة هي التربية الأكثر تأثيراً في الصغار، لذلك تتحمل الأسرة مسؤولية في تأسيس ثقافة العمل التطوعي لأن الأسرة تستطيع ترسيخ ثقافة العمل التطوعي لدى أبنائها كما أن للمؤسسات التعليمية دوراً في صياغة عقول الأجيال واهتماماتها ويبدأ المشوار في رياض الأطفال حيث يكون تقبلهم لما يرون ويسمعون كبيراً في المرحلة الابتدائية.
أما في موضوع الانتماء فلا بدَّ من الوقوف عند مفهوم الانتماء وأسباب الضعف وأسباب القوة وعلى الرغم من اختلاف الآراء حول الانتماء ما بين كونه اتجاهاً أو شعوراً أوإحساساً و كونه حاجه أساسيه نفسية الانتماء لأي شيء سواء الانتماء لوطن أو الانتماء لأسرة أو الانتماء لفئة وعلى هذه القاعدة يمكن أن تزدحم الأسئلة والتساؤلات وفي مقدمتها: ما هي أسباب ضعف وقوة الانتماء.؟ ثم لماذا عندما يعاني الشباب في مجتمع ما من مشكلة ضعف الشعور بالانتماء سواء كان هذا الانتماء إلى مجتمعاتهم المحلية، أم إلى أسرهم، أم إلى وطنهم يشعر بالغربة على أرضه.
وخلاصة القول: إذا كنا نريد استقراراً حقيقياً وتنمية شاملة يجب أن نتسابق لإعلاء قيمة الشباب ونفتح لهم العقول والقلوب ونجعل من إعدادهم الجيد الذي يليق بهم وتوفير فرص عمل كريمة لهم تتناسب وهذا المخزون الهائل من الطاقات بداخلهم إنه المخزون الاستراتيجي الحقيقي الذي لم نستثمره بعد كما يجب.